Friday, October 19, 2007

الملف الأسود لليهود

((إن الله في حالة ندم دائم لما أنزل باليهود وبالهيكل ، وأن الله هو مصدر الشر والخير معاً، وأن أرواح اليهود تختلف عن بقية البشر لأنها جزء من الله)) .. تلك كلمات التلمود اليهودي الذي يطالبهم في كل مكان أن تكون سلطة حكم الأرض في أيديهم، فإن لم تكن لهم السلطة فهم في حياة النفي والأسْر، وعليهم أن يعيشوا في حرب مع باقي الشعوب حتى يصبح لهم الثراء والسلطان..
لقد شبع التاريخ الإنساني وارتوى.. شبع حتى التخمة .. وارتوى حتى الثمالة من المآسي والغرائب والعجائب ولكن التاريخ لم ولن يرى أغرب ولا أحقر من اليهود .. مهما حاول المتنطعون وتفلسف المتفلسفون وحملة المباخر..
والتاريخ هو ظل الإنسان على الأرض.. والأرض هي المسرح الذي لا يألو جهداً في تبديل الأدوار والمجاميع والأبطال ولكنه لا يستطيع أبداً أن يغيّر الأحداث ولا يلوّن الظل!!
كان أول اسم يظهر على صلة بالمشكلة اليهودية في صورتها الحديثة هو (موسى مونتفيوري) ــ تاجر يهودي إيطالي ثري أتى إلى مصر في عهد (محمد علي) بعد أن زار فلسطين وعرض على (محمد علي) مالاً كثيراً في سبيل شراء أرض في فلسطين ليقيم عليها معسكرات يهودية ولكنه يفشل في مهمته ويموت في عام 1885 وقد بلغ المائة.. ويتلقف منه اللواء الصحفي النمساوي (تيودور هرتزل) الفكرة..
لم يكن في فلسطين حتى عام 1918 سوى 55 ألفاً من اليهود ولم تكن فكرة الهجرة إلاّ في خاطر الذين تعرضوا للاضطهاد ، ولما نبتت الدولة اليهودية في رأس (هرتزل) في كتابه (الدولة اليهودية) لم يُحَرّض اليهود كافة على الهجرة بل وجه نداءه فقط إلى الذين تسوء ظروفهم تحت حكم الدولة التـي يعيشون فيها .. على أن الأهم من ذلك أن (هرتزل) لم يدع مطلقاً إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين ، وكان يقول: (أعطونا أية قطعة من الأرض تتناسب وحاجات شعبنا وتكون لنا السيادة عليها) ..

(أوغندا) بدلاً من (فلسطين) :
كانت دولة (أوغندا) بالقارة الإفريقية هي المرشحة لإقامة دولة إسرائيل عليها بدلاً من فلسطين .. وفيما يدل على أن اليهود لم يكونوا مصممين على إقامة دولتهم في فلسطين أنه حينما عُرض المشروع على المؤتمر الصهيوني عام 1901 على إقامة دولة إسرائيل بأوغندا وافق على هذا الاقتراح 298 من الأعضاء وعارضه 178 فقط ولكن التنجيم السياسي لعب دوره هنا ووقف مع الأقلية حتى كان وعد (بلفور) المشئوم في 1917 والذي أعطى فيه مَن لا يملك إلى مَن لا يستحق قطعة من الجسد العربي وليتحول شعب فلسطين إلى (هنود حمر) القرن العشرين..
ولذا فنحن نختلف مع الأستاذ فتحي رضوان في أن (هرتزل) لم يحدد فلسطين بالاسم لأن (فلسطين) هي أرض الميعاد وحلم اليهود منذ الأزل ، وقد قال عنها (هرتزل) : إنها الركن الموبوء والبالي من الشرق.. إننا نريد أن نطهر بلداً من الوحوش الضارية.. ولن نحمل القوس والرمح ولن نذهب فرادى في إثر الدببة كما كانوا يفعلون في أوربا في القرن الخامس ، ولكننا سننظم حملة جماعية مجهزة ونطرد الحيوانات ونرمي وسطهم قنابل شديدة التفجير..
المصريون والفلسطينيون :

يقول الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه (حياة قلم) : ” أحسب أن المصريين والفلسطينيين في مجال الهجرة فرسا رهان، فمن فلسطين مهاجرون في مصر، ومن مصر مهاجرون في فلسطين “..
وما أكثر أيام التاريخ التـي كانت فيها مصر وفلسطين بلداً واحداً، ومعروف أن حملة إبراهيم باشا إلى الشام في القرن الماضي حملت معها الكثير من العائلات المصرية للإقامة في فلسطين كما لجأت عائلات مصرية أخرى إلى فلسطين فراراً من السخرة أيام حفر قناة السويس.. ويحكي لنا التاريخ أنه في بداية الحملة الفرنسية على مصر لجأ الكثير من المصريين إلى فلسطين.. وعندما استولى (نابليون) على (يافا) في مارس 1799 وجد فيها أربعمائة (400 ) مصري من بينهم الزعيم (عمر مكرم) ، كما لجأ إليها أيضاً (عبدالله النديم) ــ أحد زعماء الثورة العرابية ــ وعندما أخمدت حركة المقاومة الشعبية التـي قادها (حسن طوبار) في بحيرة المنزلة نزح هو أيضاً إلى غزة.. وليس غريباً أن العديد من العائلات الفلسطينية مازالت تحمل أسماء مصرية مثل عائلات المصري والدمياطي والزعبلاوي والشرقاوي والأنشاصي والعرايشي والقمحاوي والصعيدي والإسكندراني.. ولكن هل معنى هذا التسليم بادعاءات الحركة الصهيونية التـي تصورت أن علاقات فلسطين بالعروبة مخرجاً ، فزعمت أن الفلسطينيين يمكنهم النزوح إلى البلاد العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج..
إن الفلسطيني عربيّ مثلما الجزائري عربي.. فلا تلغى عروبته جزائريته،
ولا تلغي فلسطينية الفلسطيني عروبته بأي حال ، ولا تملك قوة حق انتزاعه من وطنه وبيته..
لقد قطع الفلسطينيون رحلة شاقة طويلة لإعادة أنفسهم ووطنهم إلى ذاكرة العالم بعد أن حذف العالم فلسطين من خرائطه..

التلمـــــــــــود :
إن الوحي ليس المصدر الحقيقي لأسفار العهد القديم ، ولكن هذه الأسفار من وضع أجيال متعددة، وأضيفت إليها قرارات المحافل اليهودية، فلقد كان زعماء اليهود يدفعون بقراراتهم لتصبح جزءاً من أسفار العهد القديم،
ثم تمخض عن العهد القديم ما عُرف باسم (التلمود) وبعدها قرارات (بروتوكولات حكماء صهيون) وأصبح هذا الميراث الضخم هو الذي يحدد سلوك اليهود في كل بقاع العالم وعبر التاريخ الإنساني..
الإرهابيون الأوائل جيراننا الجــدد:
يطرح الأستاذ/ وجيه أبو ذكري ــ في كتابه (الإرهابيون الأوائل) هذا الاستفهام : مَن جاء بالعنف السياسي في شرقنا العربي ؟ إنهم اليهود.. جيراننا الجدد.. لكن من زرع هذه النوازع الإرهابية في نفوس اليهود ؟ والجواب دون عناء هم حاخامات اليهود عبر التاريخ .. الذين وصفوا الربّ بأنه (رجل حرب) بل وأنه أمرهم بالآتي:
• التجسس :
(( ثم كلم الرب موسى قائلاً : ارسل رجالاً ليتجسسوا على أرض كنعان التـي أنا معطيها لبني إسرائيل)) .. هذه كلمات تلمودهم كما ذكرها الدكتور أحمد شلبي في سلسلة (مقارنة الأديان) ثم يشرح لهم (الرب) طريقة التجسس فيقول: ((انظروا الأرض ما هي ، والشعب الساكن فيها أقويّ هو أم ضعيف، قليل أم كثير، وكيف هي الأرض التـي هو ساكن فيها ، جيدة أم رديئة ، وما هي المدن التـي هو ساكن فيها ؛ مخيمات أو حصون ))
• إجلاء الشعوب:
يقول سِفْر التثنية (الرب إلهك يطرد هؤلاء الشعوب من أمامك ويرفع ملوكهم إلى يدك فتمحوا اسمهم من تحت السماء) ، ( الرب يذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعاً كلما كلمك الرب) ..
• العنــف:
(( فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة رجل اقتلوها ))..
• الخديـعـة:
ورد في سفر التثنية : ((وحين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح فإن إجابتك للصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويستعبد لك وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً فحاصرها واضرب جميع ذكورها بحد السيف ، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتضمنها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التـي أعطاها الرب إلهك.. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً التـي ليست من مدن هذه الأمم هناك وأما مدن هذه الشعوب التـي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ما))
• القســـــوة:
جاء في سِفْر صموئيل (تولى ودوس يا بنت صهيون لأني أجعل قرنك حديداً، أجعلها نحاساً فتسحقين شعوباً كثيرة، غنيمتهم للرب وترد عنهم لكل الأرض))
هذه المعاني والقيم قد توارثتها أجيال اليهود عبر التاريخ وأصبحت جزءاً من عقيدتهم وسلوكاً مع كل البشر وهذه القيم هي أساس التعامل اليهودي في كل العصور ، وقد شكلت هذه العقيدة شخصية اليهودي في كل أنحاء الدنيا ولكن كل هذه الشرور التـي جاءت في العهد القديم لم تكن كافية (لحكماء اليهود) فأصدروا تعليمات جديدة عرفت بالتلمود ، واعتبرها اليهود استكمالاً لتعاليم سيدنا موسى عليه السلام وبدأت عام 150 ميلادية ، ثم أضاف عليها الحاخامات بعد ذلك تفسيرات أخرى حتى استقرت على ما هي عليه الآن.. ويعتبر اليهود في كل مكان في العالم أن (التلمود) كتاب مقدس لا يقل قدسية عن التوراة..
ونعود إلى الأستاذ (وجيه أبو ذكري) والذي يُلقي الضوء على عدد من الظواهر التـي شكلت الشخصية اليهودية..
• ظاهرة الجيتو :
وهي انعزال اليهود في مكان خاص بهم أطلق عليه (الجيتو) وهي كلمة مشتقة عن الكلمة الإيطالية (يورجيتو) وتعني (حياً من أحياء المدينة) .. وفي الجيتو يسكن اليهود الفقراء والأغنياء ويقومون بطقوسهم بحرية بل إنهم اعتبروا الجيتو دولة خاصة بهم وقد أدى ذلك إلى زيادة الانفصال عن بقية الشعوب الأخرى.. وفي الجيتو (حارة اليهود) في القاهرة أو في الإسكندرية مثلاً ــ كان اليهودي يتعلم كل شيء إلا تاريخ البلد الذي يعيش فيه،
لا يدرس مشاكله أو حتى يلتحق بمدارسه.. لذلك فإن الروح العدائية قد تأصلت داخل نفسية اليهودي تجاه الشعب والأرض التـي يعيش عليها..
• ظاهرة التجارة :
اشتغل اليهود بالتجارة عبر التاريخ انتظاراً للعودة إلى أرض الميعاد ورفضوا العمل في غير التجارة لسهولة نقل الأموال والتجارة من مكان إلى آخر حتى أصبحت كلمة تاجر مرادفة لكلمة (يهودي) حتى إنهم يتحكمون في اقتصاد الشعوب وسببوا أزمات اقتصادية كثيرة لاحتكارهم سوق التجارة والمال.. وقد كان عندنا في مصر التاجر اليهودي الثري (باتا) وأيضاً (بنزايون ) و(عدس) و (ريفولي) بالإضافة إلى الذي غير لقبه ليكسب تعافط الشعب وهو (عمر أفندي) اليهودي الداهية الذي يعتبر من أثرى الرجال في مصر في ذلك الوقت..
• ظاهرة الربا:
إذا أردنا تعريف الربا فهو استغلال حاجة الإنسان للمال في لحظة ما لتحقيق أكبر ربحية.. لذلك فقد حرم الإسلام الربا بينما اليهودية لم تحرمها على اليهودي بل أباحتها له بشرط ألا يمارسها مع يهودي آخر!! ، ولكن عليه أن يستغل غير اليهودي .. لذلك أسسوا بنك الرهونات ــ حيث كان البنك اليهودي يقرض غير اليهودي بفوائد باهظة قد تصل إلى 200% ، وفي حالة عدم السداد يبيع البنك مارهن لديه سواء كان ذهباً أم فضة أم عقاراً أم أرضاً زراعية.. وكان في مصر ــ إلى وقت قريب ــ بنك يهودي للرهونات، أدى هذا البنك إلى إفلاس مئات من المصريين الأثرياء لصالح هذا البنك وكما هو الحال في مصر كان في كل مكان من الوطن العربي بما في ذلك فلسطين..
• ظاهرة يهود البلاط:
ولأن اليهود خارج نطاق المجتمع الذي يعيشون فيه ، ولأنهم لا يتجاوبون مع آمال وأهداف الشعب الذي يعيشون على أرضه ولأنهم يشكلون قوة اقتصادية طفيلية في المجتمع من خلال التجارة والربا فلقد تحالف اليهود مع السلطة في الوطن الذي يعيشون فيه، يقدمون لها بسخاء مقابل حمايتهم من سخط الشعوب وتسهيل عملياتهم التجارية.. وكما جاء في موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية للدكتور/ عبدالوهاب المسيري ، بأن الجماعات اليهودية في الأحوال العادية لم تكن خاضعة للسلطات المحلية وكان سيدها الوحيد هو الملك تؤدي إليه المال بسخاء لتبتاع منه الميثاق الذي يحمي حقوقها الدينية والاقتصادية..
• تنمية ظاهرة الإرهاب:
بعد أن استقر اليهود في فلسطين وأقاموا دولتهم وضعوا برنامجاً تربوياً مخيفاً يهدف إلى تنمية الإرهاب في نفوس (الصابرا) وهم اليهود الذين ولدوا في فلسطين ولم يعيشوا حياة الجيتو ، ويهدف هذا البرنامج التربوي إلى تنشيط الذاكرة اليهودية بما حدث لآبائهم وأجدادهم في الشتات لتظل الروح اليهودية في حالة استنفار دائم ضد الغير وحماية (الدولة) بكل الوسائل بما في ذلك الوسائل الإرهابية خوفاً من العودة إلى الشتات .. لذلك فإن دماء الغير مستباحة أمام (الصابرا) للحفاظ على أكبر وآخر [ جيتو ] يهودي في التاريخ وهو إسرائيل..

السجل الدموي لليهود في خمسين سنة: (1948 ــ 1998)
• مذبحة دير ياسين : إبريل 1948 ، واستشهد خلالها 254 وفر أكثر من 30 ألف فلسطيني.
• مذبحة نصر الدين : في إبريل 1948 ، وقد أبيدت القرية بأكملها
إلا 40فلسطينياً تمكنوا من الفرار.
• مذبحة صالحة: مايو 1948 ، واستشهد خلالها 75 مواطناً فلسطينياً.
• مذبحة اللُــد : يوليو 1948 واستشهد خلالها أكثر من 350 فلسطينياً ورموا الكثير منهم في آبار البلدة أحياءً.
• مذبحة الدوايمـة: أكتوبر 1948 ، واستشهد خلالها أكثر من 250 ، ورموا الكثير منهم أحياءً في آبار البلدة.
• مع نهاية أكتوبر 1948: تحول 900 ألف فلسطيني إلى لاجئين ، وتم تدمير أكثر من 400 قرية.
• مذبحة شرفـات: فبراير 1951 ، وسقط فيها 11 شهيداً وشرد باقي أهل القرية.
• مذبحة بيت لحم: يناير 1952 وسقط فيها 10 شهداء.
• مذبحة قليقلة: أكتوبر 1952 دمرت القرية بأكملها وشرد أهلها.
• مذبحة قـبـيـــة : 24/10/1952 دمر خلالها 56 منزلاً وسقط فيها
67 شهيداً.
• مذبحة غزة : فبراير 1955 ، وسقط خلالها 26 شهيداً.
• مذبحة كفر قاسم: أكتوبر 1956 سقط خلالها 48 شهيداً.
• مذبحة خان يونس: أكتوبر 1956 ، وسقط فيها أكثر من مائة شهيد.
• مذبحة قرية السموع: نوفمبر 1956، وسقط فيها أكثر من 200شهيد.
• في 1956 العدو الصهيوني يحتل غزة: ويشارك في العدوان الثلاثي على مصر وضرب المدن في بورسعيد والإسماعيلية والسويس وتشريد أهلها.
• في يونيو 1967 الاعتداء الصهيوني على الأراضي المصرية والسورية والأردنية: وضم الضفة وقطاع غزة وسيناء والجولان واستشهاد أكثر من أربعة آلاف جندي على الجبهة المصرية وحدها.
• 1967 – 1968 : إسرائيل تقتل حوالي ألف أسير مصري وتدفن الكثير منهم أحياء في صحراء سيناء.
• 29/8/1969: إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرفين اليهود.
• 12 / فبراير 1970 : الاعتداء الصهيوني على مدرسة بحر البقر المصرية بمحافظة الشرقية ومصانع أبي زعبل واستشهاد أكثر من 150 تلميذاً وعاملاً.
• في 1971 ، 1972 ، 1973 ويناير 1979: اغتيال الموساد الإسرائيلي مجموعة من القيادات الفلسطينية في بيروت وروما وباريس منهم وائل زعيتر وغسان كنفاني ومحمود الهمشري وكمال ناصر وكمال عدوان ومحمد النجار (أبو يوسف) وعلي حسن سلامة.
• 1980 : محاولة لنسف المسجد الأقصى من قبل منظمة (كاخ) اليهودية المتطرفة واكتشاف شحنة متفجرات زنتها 120 كجم.
• مذبحة (داراس) : وقد دمرت القرية بأكملها وقد سقط فيها أكثر من 60شهيداً.
• مذبحة (دير أيوب) والرملة: وسقط فيها 111 شهيداً.
• في يونيو 1981 : ضرب العدو الصهيوني المفاعل النووي العراقي.
• أغسطس 1982: غزو لبنان واحتلال الجنوب وارتكاب أبشع مذبحة في التاريخ (مذبحة صابرا وشاتيلا) وقد استمر إطلاق النار والمذابح فيها للمدنيين 48 ساعة متصلة سقط فيها ثلاثة آلاف وخمسمائة شهيداً.
• إبريل 1986 : الاعتداء الوحشي على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس واغتيال أبو جهاد.
• ديسمبر 1987 : بداية الانتفاضة الفلسطينية وتقول جماعات حقوق الإنسان إن إسرائيل قتلت نحو ألف وخمسمائة فلسطيني على مدى ستة أعوام من الانتفاضة.
• نوفمبر 1994: استشهاد الدكتور/ هاني العابد ــ عضو حركة الجهاد الإسلامي على يد الموساد.
• رمضان 1994: مذبحة قانا واستشهاد 105 رغم احتمائهم بمكاتب الأمم المتحدة بلبنان!!
• رمضان 1994: مذبحة الحرم الإبراهيمي واستشهاد 60 مصلياً في صلاة الفجر على يد المتطرف (باروخ).
• وفي 1995: أيضاً استشهاد د/ فتحي الشقاقي ــ رئيس حركة الجهاد الإسلامي على يد الموساد.
• 5 يناير 1996 : استشهاد ( يحيى عياش) مهندس العمليات الاستشهادية في حركة (حماس).
• سبتمبر 1996 : اكتشاف نفق أسفل المسجد الأقصى حفره اليهود تعمداً لهدم المسجد وإقامة الهيكل.
• في 1997 : قيام المتطرفة (نتانيا) بتوزيع ملصقات تسيء إلى الإسلام وتسخر من الرسول ص والقرآن الكريم.
وما خفي كان أعظم..

اغتيـال العلماء العرب :
حكمت إسرائيل على الدولة العربية ــ منذ قيام هذه الدويلة اللقيطة ــ بضرورة استمرار التخلف ، ولذلك فإن هناك صراعاً خفياً بين إسرائيل من جانب وبين كافة الدول العربية في محاولة إسرائيلية دؤوبة لمنع التقدم العلمي العربي، ولذا فقد قام الموساد باغتيال عالم الذرة المصري الدكتور/ يحيى المشدّ في 14 يونيو 1980 وقد كان للدكتور (المشد) الفضل في محاولة إنجاز المفاعلين النوويين العراقيين ( ).
وفي 27 يناير 1975 اختفى عالم الذرة المصري أو عبقري الذرة كما أطلقت عليه صحف تشيكوسلوفاكيا الدكتور (نبيل القليني) إلى الأبد.. خرج من بيته ولم يعد .. وأُسدل الستار عن هذه الجريمة .. ونعود إلى الوراء قليلاً وفي 15 أغسطس 1952 قتل الموساد عالمة الذرة الدكتورة (سميرة موسى) أول معيدة في الجامعات المصرية والتي قال عنها الدكتور والعالم البريطاني (بدفورد) .. (إن سميرة موسى قد تغير وجه الإنسانية لو وجدت المعونة الكافية) .. ويستمر مسلسل اغتيال علمائنا .. تمثيليات غير محبوكة عن الانتحار مثل العلاّمة (سعيد بدير) أو بزعم القضاء والقدر كما حدث في القصة الغامضة لعبقري مصر الدكتور (جمال حمدان) واختفاء مسودات كتابه عن اليهود!! وغيرهـم وغيرهم . .وما خَفِي كان أعظم.

قتل الأسرى الـمصرييـن:
أمَا آن للشعب المصري أن يعرف حقيقة أبشع هزيمة حلت به في التاريخ.. هزيمة يونيو 1967.. والتي اختاروا لها اسم الدلع (نكسة) .. لقد ذهبت قواتنا إلى سيناء بدون تدريب جيد لأن التدريب يحتاج إلى أموال طائلة وأموالنا ذهبت إلى حرب اليمن التـي لا ناقة لنا فيها ولا جمل ولم يأخذ جنودنا معهم إلى سيناء سوى الطنطنة الإعلامية والأبواق الكاذبة حتى كان العار الكبير في 1967 وأنهار الدم التـي سالت على رمال سيناء بسبب حركة عنترية للزعيم الكاريزمي سوف يُسأل عنها أمام الله..
إن موضوع قتل الأسرى المصريين يحتاج إلى مجلدات.. وكما ذكر الأسير المصري السابق عقيد مهندس/ محمد حسين يونس في كتابه (خطوات على الأرض المحبوسة) : (إن الجندي المصري لم يحارب في 1967 وإنما ذهب إلى سيناء ليُذبَح ) .. وقد كان لمشهد الذئاب وهي تأكل في جثث جنودنا أثره الرهيب.. حتى إن مراسلة صحيفة ألمانية بكت ولم تستمر مع وفود الصحفيين والمراسلين العالميين الذين جاءت بهم إسرائيل ليشاهدوا الصقور والذئاب وهي تنهش في جثث جنودنا الموتى .. أما مَن تبقى على قيد الحياة منهم فإن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي كانوا يتدربون فيهم على دقة التصويب أو بقر البطون بالأسلحة البيضاء وهي عادة يهودية قديمة يمارسونها مع الأسرى والعزّل فقط لأن الجندي اليهودي أجبن من أن يستخدم السلاح الأبيض مع جندي في كامل الاستعداد..
وفي كتاب (إسرائيل من الإرهاب إلى مجازر الدولة) للكاتب اليهودي (إيلان هاليفي) يحكي فيه عن (الوحدة 101) وكان قائدها (شارون) وأنها أجهزت على الجنود المصريين الجرحى في مستشفى شرم الشيخ العسكري عام 1967 وللآن لم يحقق أحد في هذه القضية.. حتى إن أحد ضباط القوات المسلحة المصرية قال: للأسف الشديد فإن الحكومة المصرية قد قامت بالتعتيم الإعلامي لما حدث من القوات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة ورفح وشرم الشيخ..

مأساة تلاميذ بحر البقر:
جاءت الطائرات الفانتوم الأمريكية إلى المدرسة الابتدائية الوحيدة بالقرية وألقى الطيارون الإسرائيليون أطنان القذائف عليها واختلطت جثث القتلى بالجرحى وتلطخت كراسات الصغار بالدماء.. واستشهد ثلاثون طفلاً وأصيب ستة وثلاثون آخرون.. وقد هزت هذه الجريمة الشاعر صلاح جاهين فكتب
أغنية للفنانة شادية.. تصور الأغنية (مُدرّسة) من مدرسة بحر البقر تقف
أمام الصغار وتقول: زرع .. يردّ الصغار : زرع ....... تقول: حَصَدَ .. يرد الصغار: حصد.. ثم تصرخ الفنانة شادية وتقول: قَتَلَ .. قَتَلَ.. ذَبَحَ.. ذَبَحَ .......... وأذيعت هذه الأغنية مرة واحة فقط من التليفزيون المصري ..
وكان لها تأثير خطير على عواطف الشعب وضميره.. مما دفع الحكومة إلى حظر إذاعة هذه الأغنية..

صبرا وشاتيلا .. أبشع مذبحة في التاريخ :
سيتوقف التاريخ طويلاً أمام ما حدث في صابرا وشاتيلا .. وكما قال أحد المثقفين العرب: لو كان للتاريخ (ملف أسود) فإن (صابرا وشاتيلا) تكفيه.. فقد استخدم الجنود الإسرائيليون في مذابحهم ضد المدنيين الفلسطينيين كل أنواع الأسلحة والأساليب القذرة المتنوعة للقتل وخاصة بقر بطون الحوامل والمرأة الفلسطينية دائماً هي الهدف للإسرائيليين لأنها هي التـي تقدم الوقود الدائم وإلى الأبد للثورة الفلسطينية وهي القنبلة البيولوجية التـي ترعب إسرائيل..
يقول الأستاذ/ وجيه أبو ذكري .. (يا سادة .. قبل أن نـمتلك ناصية الشجاعة ونكتب مأساة صابرا وشاتيلا [ نعم الشجاعة ] فإن قسوة ما حدث يجعل الكاتب يلقي بقلمه فزعاً مما يسمع ويسجل ويكتب).
لقد قرأتُ عن معظم المذابح التـي حدثت في التاريخ الإنساني ولكن كل
ما قرأت لا يقارن بما حدث في (صابرا وشاتيلا) .. إن ما حدث من مجزرة رهيبة ضد الصغار والنساء لم يحدث في كل التاريخ.. إن مجزرة صابرا وشاتيلا
لم يحدث مثلها في التاريخ الإنساني كله.. فيا كُتّاب العربية .. لابد أن تعرف الأجيال القادمة تفاصيل ما حدث لنا في صابرا وشاتيلا.. فلا تكونوا شياطين خُرساً..

اليهود في مصــر :
يقول الدكتور/ صلاح عزّ : (منذ أن فتحنا لهم بلادنا ترحب بهم وتحتضنهم وتستقبلهم كسفراء وتسترشد بهم كخبراء وتثق بهم كمستثمرين وزوار مستأمنين إذ بهم يحوّلون ضلوعهم إلى خناجر وصدورهم إلى متفجرات وإذ بالابتسامات المصطنعة تعرب عن ما يخفيه وراءها من حقد وضغائن بالنفوس المريضة والعقول الماكرة.. تعلن عن خبثها فيقدموا لنا الموت على طبق السلام ويدسوا لنا السم مع العسل .. فحمامة السلام وغصن الزيتون رمزا السلام والأمن والعمران تقدمها لنا إسرائيل مليئين بأسمدة وبذور فاسدة تبوّر أراضينا وتفتك بمحاصيلنا ، وبعملات مزيفة تضر باقتصادنا ، وبسواح يحملون أمراضاً خبيثة ومواد مخدرة ، وبجواسيس يتجسسون على مقدرات بلادنا وأوضاعها ويقومون بما يهدد أمن وسلامة الوطن بأكثر مما كانت عليه أيام الحروب..
ففي الأعوام القليلة الماضية قامت أجهزة الأمن المصرية بالقبض على أكثر من شبكة تجسس على مصر لصالح إسرائيل كان من أهمها شبكة (فارس صبحي مصراتي) وابنته (فايقة) بالاشتراك مع المدعو (ديفيد أوفيتس) ، وقد اعترف الأول أنه وابنته يعملان لحساب الموساد وحصلا على أجهزة دقيقة على درجة كبيرة من الحساسية تستخدم في تصوير وتسجيل ونقل الصور والمعلومات كما اعترف الأب بأن ابنته مصابة بمرض الإيدز ومنذ دخولها مصر حتى القبض عليها أقامت علاقات مع عدد كبير من الشبان المصريين مستهدفة إصابتهم بهذا الفيروس القاتل للمساعدة على انتشاره في مصر.. واعترفت الفتاة بما قاله والدها (جريدة الأهرام المسائي 13/2/1992) وفي العام الماضي حكمت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في أحدث قضية تجسس لحساب إسرائيل بمعاقبة مصري وإسرائيليتين هاربتين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم مبلغ خمسة آلاف جنيه مصري وألزمتهم بالمصاريف الجنائية وبمعاقبة (عزام متعب عزام) وهو ضابط بالمخابرات الإسرائيلية قُبض عليه في نفس الشبكة بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً ، وألزمته بالمصاريف الجنائية .. ومن قبل قُبض على شاب مصري يتجسس على الجماعات الإسلامية في الجامعة لصالح أمريكا ومن ثم إسرائيل ، حيث إن كل معلومات أمريكا عن مصر تصب نهايتها في إسرائيل.
كما كشفت سلطات الموانئ المصرية منذ فترة ليست ببعيدة عن أكبر عملية يهودية منظمة لنشر الإيدز في مصر عن طريق بحارة يهود تبرعوا بدمائهم الملوثة بالفيروس لمكاتب الصحة بالموانئ وأصابوا عشرة مواطنين بمستشفيات السويس بالمرض. وقد أكدت تحاليل معامل الموانئ وجود الفيروس في دماء البحارة اليهود. وقد تم إخضاع مستشفى السويس العام لإجراءات أمن مشددة في أعقاب ذلك (جريدة الحقيقة 18/1/1992) .. فضلاً عن العلاقات الجنسية التـي تقيمها إسرائيليات مصابات بالإيدز مع مصريين في طابا والعريش وغيرهما من مدن سيناء لنفس الغرض.. وقد أفاضت الصحف والمجلات في هذا الموضوع وتناولته السينما المصرية في أحد أفلامها .. وفي مطلع التسعينيات أثناء قيام مكتب مكافحة جرائم (الأحداث) بالقاهرة بالبحث عن الطلبة (المزوغين) من مدارسهم اكتشف أن عدداً من (الأحداث) يترددون بانتظام على شقة لسائح أمريكي وبمداهمة الشقة وجد عدد منهم عرايا كما ولدتهم أمهاتهم متأهبين لممارسة الشذوذ الجنسي معه وهؤلاء الأطفال الذين قُبض عليهم حددوا أسماء أطفال آخرين كانوا يترددون عليه في شقته ، وهذا السائح لم ينتقل فقط بين عدة أحياء داخل المحافظة بل تنقل أيضاً بين عدد من المحافظات (الأهرام 4/3/1990) ..
وتتضح لنا الرؤيا أكثر لو سلمنا بصحة الحقائق التالية: أن هذا السائح مصاب بالإيدز وأنه قبل دخوله مصر عن طريق منفذ رفح مكث ثلاث سنوات في إسرائيل مما يثير حوله شبهة تجنيده في إسرائيل لارتكاب مثل هذه الجريمة وإمداده بما يعينه عليها ، كما أنه بعد ترحيله من البلاد إثر جريمته هذه تمكن مرة أخرى من التسلل والدخول إليها بعد أن غيّر اسمه وبعض ملامحه مما يؤكد أن مجيئه إلى مصر لم يكن من أجل السياحة أو خلافها ولكن من أجل مخططه الدنيء في نشر الإيدز ببلادنا (الأهرام 1/12/1990) .. وقد كانت تقيم مع هذا السائح فتاة إنجليزية تحترف البغاء اختفت قبل القبض عليه.. وقد أثبتت أبحاث المعامل المركزية أن هناك أربع حالات بين الأطفال الذين تم التحفظ عليهم ثبت تعرضهم للإصابة بالإيدز (الأهرام 4/3/1990).
كما ضبط ثمانون أجنبياً من المقيمين بمصر مرضى بالإيدز (أخبار اليوم 7/3/1990) وقد كشف بحث طبي كان هدفه الكشف عن مرض الصفراء أن نسبة 6 في المائة من العينة موضع الدراسة مصابون بالإيدز كلهم من بين الطبقات الدنيا التـي تعمل في خدمات لها علاقات بالأجانب وخطورة هذه الطبقة أنها تعود إلى أسرها لتمارس حياتها الزوجية مما يزيد من فرص نقل العدوى إلى الطرف الآخر ، ومن ثم إلى المواليد الجدد الذين تنـتـقل إليهم العدوى بعد إصابة الوالدين بها (الأهرام 4/3/1990).
كذلك قيامها بإلقاء مئات الأطنان من مواد كيماوية سامة في مياه البحر المتوسط وتلك العملية تستمر منذ عشر سنوات ومستمرة حتى الآن ، وهذه المواد ضارة بالبيئة وبكل الكائنات الحية لأنها تحتوي على معادن ثقيلة مثل الزنك والرصاص والكروم والنيكل وهي جميعها محظورة لخطورتها (جريدة الدستور 27/8/1997) ولا يغيب عن أذهاننا مشروع دفن النفايات النووية الأمريكية في الصحراء المصرية والذي أجهضه المخلصون من أبناء مصر ولولاهم لأصبحت مصر الآن مقبرة النفايات النووية للعالم.. وبالقرب أيضاً من الشواطئ المصرية تتسرب ليل نهار ذبذبات لاسلكية تنتشر داخل المياه الإقليمية المصرية قادمة من السواحل الإسرائيلية والتي تستقر أمام شواطئها أقفاص عملاقة على بعد 11 ميلاً بحرياً غرب تل أبيب ، وهذه الذبذبات مربوطة بشبكة الأقمار الصناعية الإسرائيلية بهدف سرقة ثروة مصر من الأسماك وهذا ما يحدث خلال السنوات الخمس الأخيرة (مجلة روز اليوسف 1/9/1997).
وفي عام 1987 انتشر مرض (الفاروا) في مناحل العسل في مصر وكانت بداية ظهوره في العريش قادماً إليها عن طريق تهريب ملكات النحل من إسرائيل عقب معاهدة السلام ثم انتشر على مستوى الجمهورية وأصبح يهدد محصول عسل النحل بكارثة وسوف يؤثر هذا المرض على إنتاجية المحاصيل الزراعية وخاصة الفواكه حيث إن حشرة نحل العسل تقوم بدور كبير في تلقيح النباتات ومعنى تدمير عدد كبير من خلايا النحل هو عدم وجود وسيلة لإتمام التلقيح وبالتالي سوف يؤثر ذلك على إنتاجية المحاصيل الزراعية المختلفة..
وللأسف فإن استخدام المبيدات الحشرية لمقاومة هذا المرض أدى إلى تلوث العسل ومنتجات النحل الأخرى بهذه المبيدات مما يؤثر على صحة الإنسان (الوفد 12/6/1997).
هذا فضلاً عن الشتلات الزراعية والبذور والأسمدة التـي تأتي إلينا من إسرائيل وقد ثبت أن ضررها أكثر من نفعها كما تم القبض على أكثر من عملية تهريب للمخدرات بأنواعها المختلفة من إسرائيل أو من دول أخرى إلى مصر قام بها مهربون غير مصريين أشهرهم اليهودي يوسف طحان..
والله أعلم كم من أمثال هذه الجرائم وأخطر منها لم يضبط أو ضُبط ولم يعلن عنه لأسباب مختلفة .. عموماً .. هذا بعضٌ من كلٍ وقطرةٌ من بحرٍ.. ولهذا نؤكد أنهم ما يزالون يخططون لتدمير كيان أمتنا وقتل أبنائنا ولم ولن يتوانوا عن ذلك لحظة .. مصداقاً لقوله تعالى  وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ 

النفاق صناعة مصرية

” كان (كعب الأحبار) يكلم (عمر بن الخطاب)  ـ فقال : يا أمير المؤمنين.. إن الله عندما خلق الدنيا جعل لكل شيء شيئاً .. قال الشقاء: أنا لاحق بالبادية.. فقالت الصحة: وأنا معك.. وقالت الشجاعة: أنا لاحقة بالشام.. فقالت الفتنة وأنا معكِ.. وقال الخصب: أنا لاحق بمصر.. فقال الذل: وأنا معك.. “
” وعندما قيل لـ (عمرو بن العاص) صف لنا الأمصار.. قال: أهل الشام أطوع الناس لمخلوق وأعصاهم للخالق.. وأهل الحجاز أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم عنها.. وأهل العراق أطلب الناس للعلم وأبعدهم منه.. وأهل مصر أكيسهم صغاراً وأحمقهم كباراً .. “
وهنا تقفز علامة الاستفهام الضخمة.. لماذا راجت بضاعة النفاق في مصر؟ ولماذا أصبح هذا الوباء سلعة حياتية.. ووجبة لا تنفد ؟ وهل كان صديقي اليمني صائباً عندما قال لي: إن النفاق اختراع مصري.. سرقَهُ العرب .. ثم صدروه للدنيا.. وإنه لم يجرؤ حاكم على وجه الأرض أن يدّعي الألوهية إلا في مصر.. حتى قال فيهم رب العزّة فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ( ) .. ما أقسى صاحبي.. وما أقسى الحقيقة... وما أكثر المغالطات.. فالنمرود الذي ادَّعَى الألوهية كان يحكم العراق... وما أكثر الملوك والأباطرة والقياصرة الذين ادّعوا ذلك على وجه الأرض الفسيحة وفي جميع الأزمان.. ولم يدّعِ الألوهية في مصر سوى (فرعون) موسى.. الذي ذكر القرآن الكريم قصّته.. و(الحاكم بأمر الله) الذي قتلته شقيقته عندما جاهر بكفره..
أما النفاق فهو نتيجة طبيعية للاستبداد السياسي في كل مكان وزمان.. وعندما دخل الإسلام جزيرة العرب.. بارت تلك البضاعة واندثرت حتى حين.. لتحلّق كل أنواع النفاق وألوانه المختلفة على يد (معاوية بن هند) وقصوره وحاشيته وصولجانه.. ليكون ابن (آكلة الكبد) هو أول الحكام المستبدين في تاريخ الإسلام العظيم.. والنقطة الفاصلة بين الحكم الراشد والاستبداد السياسي الذي وضع بذوره ذلك المعاوية .. ومازلنا نعاني منه حتى هذه اللحظة.. وعندما طالب أحد المستشرقين الظرفاء دول الغرب بوضع (تمثال) لمعاوية بن أبي سفيان في أكبر ميادينهم ، لم يكن هذا الحاقد يمزح وهو يقول: ” لولا معاوية لحكم أصحاب الجبب والعمائم العالم كله “..
فقد كان معاوية بمثابة (دابة الأرض) التـي نخرت منسأة الإسلام ....
ثم يطلق (الوليد بن عبدالملك) صيحته المدوية ” أيها الناس.. عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فإن الشيطان مع الفرد.. أيها الناس من أبدى ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه.. “ وهو يقصد طاعته هو .. وجماعته هو.. فما أتفه الإنسان في نظر هؤلاء الطغاة..
” والله لا آمر أحداً أن يخرج من باب من أبواب المسجد، فيخرج من
الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه! “ ... ما أرخص أعناقنا في كلمات
الحجاج بن يوسف الثقفي.. وهكذا كان جبروت الحكام وظلمهم وقسوتهم في تاريخنا.. حكاية تتناقلها الأجيال وترتعد منها نفوس الضعفاء.. وكما يقول الشاعر الألماني (جوته): ” إنني أحمل فوق أكتافي تراث آبائي وأجدادي“ .. وهكذا نحن .. نُصاب بالرعب عندما نسمع كلمة بوليس.. ونخوّف الأطفال بالعسكري.. أي عسكري!! ولو كان حتى في رقعة الشطرنج.. ونرفع شعارات (ابعد عن الشر وغنّي له) .. (خلينا ماشيين جنب الحيط) .. (إحنا مالنا.. هو إحنا هنغيّر الكون).. فكان من الطبيعي ــ بل من البديهي جداً ــ أن يخرج النفاق
من رَحِمِ الرعب.. فيقول ابن (هانئ الأندلسي) 972م للخليفة الفاطمي
(المعز لدين الله) :
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ
وكأنما أنت النبيّ محمدٌ
 فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّارُ
وكأنما أنصارك الأنصارُ

أستغفر الله العظيم.. نفاق يرثه الأبناء من الآباء.. فلا فرق بين (ابن هانئ الأندلسي) ومحافظ أسيوط الذي أصبح وزيراً فيما بعد عندما قال لجمال عبدالناصر.. ( إذا كان محمد بَنَى أمة.. وعيسى بَنَى أمّة.. وموسى بَنَى أمة.. فإنك يا جمال بنيت أمماً وشعوباً ) وهكذا وضع الرجلُ جمال عبدالناصر في منزلة أعلى من أنبياء الله مجتمعين..والنفاق في مصر يجري مجرى الدم في العروق.. بالروح بالدم نفديك يا جمال.. ثم يا سادات .. ثم يا مبارك.. بالروح بالدم نفديك يا بيومي..

أي بيومي.. شعارات خالدة تنتقل من جيل لجيل بنفس الحماس! وتتكرر في نفس الجيل لأكثر من حاكم.. فالذين أ لّهوا (جمال) هم الذين
انقلبوا عليه وهاجموه بضراوة أثناء فترة الرئيس السادات.. وهم أيضاً الذين صنعوا الرئيس المؤمن وبطل الحرب والسلام.. ثم بعد ذلك سلبوه كل شيء واختزلوا نصر أكتوبر في الضربة الجوية فقط.. ولو كان الرئيس مبارك قائداً للمدفعية ــ أثناء حرب أكتوبرــ أو الجيش الثالث الميداني .. لسمعنا من المنافقين الأغاني التـي تمجّد أول ضربة مدفع .. أو دبابة .. أو حتى صاروخ..بل إن الإعلام المصري يتناسى دور الرجل العظيم الذي وضع خطة حرب أكتوبر .. المشير/ أحمد إسماعيل .

وتحضرني هنا واقعة مؤلمة حدثت في الإذاعة المصرية منذ عدة سنوات.. وكان الإذاعي الكبير/ عبدالعال هنيدي يتولى قيادة الإذاعة ــ مؤقتاً ــ حتى يصدر القرار الرسمي.. وفي نفس الأسبوع كانت كلمات الإذاعي والشاعر/عمر بطيشة (أول ضربة جوية) تشدو بها إحدى المطربات في احتفال أكتوبر.. فصدر في اليوم التالي (القرار الرسمي) بتولي عمر بطيشة قيادة الإذاعة واستبعاد عبدالعال هنيدي.. الذي لم يحتمل الإهانة وأن يرأسه تلميذه.. فأصيب بجلطة مات على إثرها .. .

ونحن لا نهوّن من دور سلاح الطيران المرعب ــ مفتاح النصر ــ في حرب أكتوبر .. لكن ما فعله (حسن أبو سعدة) بدباباته لا يقل عن دور الطيران ..
بل يزيد.. فقد كانت ملحمة أكتوبر هي أكبر حرب للدبابات في التاريخ..

وعندنا في مصر ينافق الموظف المدير.. والمدرس الناظر.. واللاعب المدرب.. وهكذا.. درجات وطوابق.. وكما يقول أبو حيان التوحيدي : (ما تعاظم أحدٌ على من دونَه إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه ).. ومن النادر ــ مثلاً ــ أن تجد منافقاً في سويسرا أو بلجيكا أو لندن أو أي بلد ديمقراطي في العالم .. فالنفاق وليد الاستبداد.. خرج من رَحِم الظلم والقهر ليرتع فوق الخريطة العربية.. ودول العالم الهابط والمتخلف..

ويُروى أن حاكم إحدى البلاد المقهورة كان ذاهباً للصيد فأخذ معه رجل الدين الأول في بلده ليبارك رحلة الصيد والذبح على الشريعة الإسلامية.. وعندما أطلق الحاكم ــ الذي لم يكن يجيد الصيد ــ أول طلقة من بندقيته تجاه اليمامة فأخطأتها .. صاح الشيخ: معجزة.. معجزة.. تطير وهي ميتة!!

السادات..أوراق ذلك اللغز

الورقة الأولى :
في يوم الجمعة 10 إبريل 1953 أحسّ المصلون بمسجد (الحنفي) بالقاهرة ــ والمكتظ بآلاف المصلين ــ بشيء جديد على غير ما ألفوا أو تعودوا .. فشخصت أبصارهم على المنبر ، وتركزت على هذا (الخطيب) الذي صعد المنبر في إطراقة وخشوع واستقر على أعلى المنبر بزيه الرسمي.. وترك (الرجل) المصلين برهة يملئون أعينهم منه وهم في دهشة.. وأذّن المؤذن بين يدي الإمام الخطيب.. ولم تنته دهشة الحاضرين .. حتى سأل أحد المصلين الجالسين بجوار المنبر جاره في الصف: مين ده ؟ ... فرد الرجل بحماسة وصوت مسموع: (دا أنور السادات اللي قتل أمين عثمان ومن الضباط الأحرار) .. وهنا قال السادات: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب – يوم الجمعة – أنصت ، فقد لغوت ).

الورقة الثانية:
في 26 مايو 1942 .. بدأ الهجوم الألماني على الجيش البريطاني الثامن جنوبي طبرق ، وبعد معارك ضارية سقطت (طبرق) في 21 يونيه وأسر الألمان نحو 30 ألف مقاتل إنجليزي.. واستمر زحف الألمان حتى احتلوا (مطروح) وأمام هذا الموقف الصعب للقيادة البريطانية طلبت بصفة عاجلة من الملك فاروق أن يتخلص فوراً من بعض الضباط المصريين المعروفين بعدائهم الشديد للإنجليز حتى لا يكونوا شوكة في ظهر القيادة البريطانية إذا اضطرتها ظروف القتال إلى الانسحاب حتى القاهرة.. وكان السادات على رأس مجموعة الضباط الذين تم إبعادهم عن الجيش في 8 أكتوبر 1942.. ومنذ ذلك التاريخ حتى 1950 يوم عاد إلى الجيش المصري مرة أخرى ــ استطاع أنور السادات خلال هذه المدة أن يجمع حصيلة طيبة من المعلومات عن المنشآت العسكرية الإنجليزية في مدن القناة حين كان يتردد عليها كسائق نقل أو (عتّال) فوق عربة.. استطاع الرجل وبدقة عالية أن يرسم عدة خرائط للمعسكرات الإنجليزية ولمداخلها ومخارجها ومواقع تجمعات الجنود الإنجليز.. والطريق إليها.. وكانت هذه المعلومات سنداً هاماً في نجاح العمل الفدائي المسلح الذي أشرف عليه وساهم فيه بعد عودته ضابطاً بالجيش المصري مع بداية عام 1950م.

الورقة الثالثة :
عندما توفي جمال عبدالناصر في سبتمبر 1970.. انتقلت القيادة في مصر من شاطئ إلى شاطئ ولكن مراكز القوى وبعض رجال الجيش ظنوا (الرجل) ضعيفاً يسهل تسييسه.. حتى كان زلزال 15 مايو 1971 عندما كشّر الرجل عن أنيابه وأطاح بكل الغرماء وكانت تلك بداية تحرير الإنسان المصري من عبودية الطغيان .. لتذوب الأحقاد .. ويذوب الخوف.. حتى حين !!
ص الورقة الرابعة :
قام السادات بتطهير الجيش المصري من الضباط والقادة الذين عشقوا الهزيمة وطرد خبراء الروس الملاحدة وعمل على (أسلمة) مصر ..
وزيادة الاهتمام بالشئون المعنوية للقوات المسلحة حتى أصبح قادة الجيش هم الأئمة والخطباء للجنود مما أدى إلى تلاشي الفكر الشيوعي الذي كان مسيطراً حتى على صناعة القرار.. وكانت كلمة (الله أكبر) التي أشار بها السادات هي مفتاح النصر الذي اختار له شهر رمضان وكان هذا هو السبب الرئيسي لغضبة مثلث الرعب المصري (شيوعيون/ علمانيون/ ناصريون) فهذا المثلث تصيبه التشنجات والهيستريا حين يُذكر اسم الدين.

الورقة الخامسة :
سيتوقف التاريخ طويلاً أمام ما حدث في اليوم السادس من أكتوبر.. العاشر من رمضان.. فقد وقعت الواقعة ولم تكن لوقعتها كاذبة.. بل كانت خافضة رافعة.. ورجت الأرض رجاً .. فتغير مجرى التاريخ ، وتكسّر حاجز الخوف.. بعد أن تحطمت لإسرائيل خلال الحرب ألف دبابة وثلاثمائة طائرة.. وبلغ قتلاها ما يزيد على عشرة آلاف من الضباط والجنود.. وبلغ جرحاها ما يزيد عن عشرين ألفاً.. وهذه الأرقام مسجلة دولياً ويتم تدريسها مع خطة اقتحام خط بارليف في المؤسسات العسكرية العالمية... وهي ليست مثل أرقام هيكل في الأهرام أو أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب أثناء هزيمة 1967.. فقد كان السادات ~ عسكرياً من الطراز النادر.. ولم يكن الفريق (عزيز المصري) مبالغاً حين شبهه بنابليون بونابرت.. فأثناء حرب الخليج (حرب تدمير العراق وتحرير الكويت) قال قائد القوات الأمريكية: إن البنتاجون حريص على أرواح الطيارين الأمريكيين وعلى طائرات الأباتشي ومن ثَمّ فإن رأى أن هناك ضرورة
لدور الأباتشي ففي هذه الحالة ستقوم بدورها دون أن تخرج من المجال
الجوي الألباني ــ أي تشارك في العمليات من مسافة آمنة ــ وقتها.. ووقتها فقط .. تذكر الجميع ما فعله السادات في 1973 عندما قرر ألا تتجاوز قواته العابرة لقناة السويس خطاً معيناً يضمن أن تكون تحم حماية حائط الصواريخ على الضفة الغربية فلا يُدفع بها إلى مصيدة في العراء لتتكرر مأساة 1967.. رحم الله رجلاً رأى بإمكاناته القتالية المحدودة وغير القابلة للمقارنة مع عدوه ومَن يدعمه منذ أكثر من ربع قرن ما يراه اليوم الخبراء العسكريون لأكبر قوة في العالم وبأحدث تكنولوجيا العصر.. وفي مواجهة دولة من العالم الثالث!!
إن حرب أكتوبر هي التي جعلت وزير خارجية أمريكا اليهودي (هنري كيسنجر) يتكلم بالعربية في مؤتمر جنيف في ديسمبر 1973 ويقول (اللي فات مات) وهي التي أنطقت فارس إسرائيل (أبا إيبان) بآيات من القرآن الكريم ، وجعلته يتباكى ويستعطف ويقول إن اليهود والعرب إخوة وأبناء سيدنا إبراهيم عليه السلام .. وحرب أكتوبر هي التي جعلت أسطورة إسرائيل (جولدا مائير) رئيسة الوزراء تجلس في بيتها لكتابة مذكراتها وتقول عبارتها الخالدة (لو بقي المسلمون على أخلاق أسلافهم ما وُجدت دولة إسرائيل).. وبعد ذلك يخرج علينا عشاق الهزيمة وعبدة الصنم البشري والصفقاء ويقولون إنها تمثيلية
مُتفق عليها! .. يضحي السادات بأخيه عاطف ودماء المصريين.. ويوافق الإسرائيليون على قتل الآلاف منهم من أجل تمثيلية !! ما هذا التهريج ؟ّ ..
لأن السادات نجح فيما فشل فيه الزعيم المهزوم الذي قال له (زخاروف)
رئيس أركان الحرب السوفيتي بعد فضيحة 1967: ( لو أن كل سلاح
في القوات المسلحة المصرية أطلق طلقة واحدة لانتهت إسرائيل) ..
ولو رجعنا إلى تقرير الأمم المتحدة في تلك السنة (1967) عن التسليح في
العالم لوجدنا هذا التقرير يقول: (إن أعلى نسبة تسليح في العالم توجد
في الجيش الأمريكي ويليه مباشرة الجيش المصري)) .. إنه الفرق بين
رجل ورجل !!
ص الورقة السادسة :
( يا سيادة الرئيس لقد رأيتك في المنام تصلي في المسجد الأقصى بالقدس ونحن جميعاً حولك) .. ضحك السادات طويلاً عندما سمع كلمات (حسن التهامي) تلك .. وكانت أول قطرة ماء غير محسوبة وغير جادة في موج الأحداث التي أدت إلى رحلة الرئيس إلى القدس.. ولكن السادات قال إن الفكرة خطرت له وهو في الطائرة عائداً من (بوخارست) بعد لقاء شاوشيسكو الذي كان قد سبق له اللقاء مع مناحم بيجن.. وسواء كانت الفكرة للسادات أو للتهامي.. فالأمر أكبر من مجرد فكرة.. فها هو (هيكل) بعد كل هذه السنوات يعتذر للسادات ويعترف ويقرّ أن أنور السادات كان على صواب.. ولولا معاهدة السلام ما عادت سيناء إلا على يد المهدي المنتظر!! .. وكان مناحم بيجن على حق عندما فقد عقله قبل وفاته وظل (يخترف) 3 سنوات قبل موته ويقول إن السادات ضحك عليه بمجموعة أوراق وأخذ سيناء.. ومازال ياسر عرفات ورفاقه يلهثون خلف فتات الموائد بعد أن رفضوا المائدة التي قدمها لهم السادات وما عليها .. لأنهم لم يدركوا أنه في عالم السياسة لا تأتي الفرصة الحقيقية إلا مرة واحدة فقط..

الورقة السابعة :
جاء السادات في ظروف اقتصادية خانقة استدعت أن يقوم بتدعيم الانفتاح .. وللتاريخ.. إن الانفتاح بدأ في أواخر عهد جمال عبدالناصر على يد الدكتور/ عبدالعزيز حجازي – وزير الاقتصاد في أواخر عهد عبدالناصر .. ورئيس الوزراء في عهد السادات.. والذي خرجت له الجماهير بعد الحرب تستغيث (حجازي بيه يا حجازي بيه .. كيلو اللحمة بقت بجنيه) .. إن الدكتور حجازي مازال حياً بيننا يشهد للتاريخ أن الانفتاح بدأ في أواخر عهد عبدالناصر... وقد قابلت الدكتور/ عبدالعزيز حجازي في الجامعة الأمريكية في مارس 1999 قبل المحاضرة التي أكد فيها ما سبق .. ولكن لأن السادات رحل وخانه التلاميذ والأصدقاء .. أصبح دمه مباحاً للجميع.. والانفتاح ليس جريمة بدليل الطفرة الاقتصادية الهائلة للعديد من الدول التي نجحت في تطبيقه.. فالمشكلة في مصر كانت سوء التطبيق.. وكثرة اللصوص والأفاقين.. فهل كان الرئيس السادات (مغسّل وضامن جنّة )؟!!

الورقة الثامنة :
يُطلق على النظام الاقتصادي للمواطنين الإسرائيليين (بلاطا ــ بنك) Palata Bank ويعني أن اليهودي شديد الحرص على أمواله والخوف عليها وهو خوف نابع من انعكاسات نفسية للخوف الذي يسيطر أساساً على حياته داخل منطقة ليس مرغوباً فيه العيش بها وهذا يجعله دائماً يتحسس الخطى بأن تكون أمواله جاهزة ليلتقطها ويرحل عند أول أزمة أو خطر يهدده.. لذلك هو يفضل وضع أمواله (تحت البلاطة) .. ولانتشار الفكرة انتشرت معلومة (بلاطا بنك) بنكي هو بلاطتي.. ويفضل عدد كبير من اليهود الاستثمار بهذه الطريقة بالرغم من عدم تزايد أموالهم..
وقد التقط السادات عبر المخابرات المصرية هذه الظاهرة ليستحدث منها نظرية لا ينقصها الذكاء وهي أن المواطن الإسرائيلي (المدمن جمع الأموال بحكم يهوديته) لو شعر بالأمان لخرج بأمواله من (بلاطا بنك) وبحسبة بسيطة (حسب اعتقاد السادات) بخروج هؤلاء بأموالهم مهما بلغ عددهم لن يتجاوز الخمسة ملايين وسيسعون لتحقيق أرباحاً مالية وسط أكثر من مائة مليون عربي فيذوب المجتمع اليهودي بين المائة مليون عربي..! وبهذه النظرية يمكن القضاء على إسرائيل بالذوبان وتفتيت تجمعاتهم وبعثرتها في شتى أركان الأمة العربية.

الورقة التاسعة :
في 3 سبتمبر 1981 تلبدت سماء القاهرة بغيوم الغضب فأقدم السادات على غلطته الكبيرة وهي اعتقاله 1536 معارضاً في يوم واحد بإلحاح من وزير داخليته الفاشل (النبوي إسماعيل).. وكان الرئيس السادات قد ضاق صدره من الذين هاجموه هجوماً عنيفاً هو وأسرته وصل إلى حد رفع قضية جُنحة مباشرة ضده.. وهو بشر ، ويعلم أن كل هؤلاء لم يكن يجرؤ واحد فيهم أن يرفع رأسه أو يفتح فمه طوال أيام حكم عبدالناصر.. عاشوا مذعورين ، فلما جاءت الحرية انطلقوا ينهشون لحمه.. وفرق كبير بين معتقلات التعذيب الناصرية وبين ما ذكره د. ميلاد حنا في كتابه (ساسة ورهبان وراء القضبان) أنه أكل مع (هيكل) في معتقل السادات أشهى الأطعمة وأنه لم يأكل السمان بالفستق في حياته إلا في معتقلات السادات.. ولذا أطلقوا عليها معتقلات 5 نجوم.

الورقة العاشـرة :
أعاد السادات اسم (مصر) الذي ذُكر مراراً في القرآن الكريم.. مصر أم الحضارات كان اسمها (الإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة) .. ثم بعد ذلك إبعاده (لهيكل) هامان العصر.. وتحرير صحافتنا منه.. بالإضافة إلى استعانته بأحدث صيحات العلم والتكنولوجيا.. فلم يقل لنا كما قال سلفه في 1956 (أنا طلعت فوق سطح بيتي وسمعت أزيز الطائرات المغيرة فعرفت أنها إنجليزية) .. ترك القيادة والرادار والتكنولوجيا وأدار الحرب من فوق السطوح!! وبعد ذلك تسألون عن أسباب النكسة؟! ألم يقل هذا المهزوم في 1967 (كنا فاكرين هييجوا من الشرق.. جاءوا من الغرب) .. إسرائيل طبعاً قليلة أدب لأنها جاءت من الغرب.. أو (أنا لسه ما كملتش خمسين سنة وباقي في المنطقة) .. ألم يقل عن رجال الدين (الواحد منهم يفتي بوزّة) .. أما السادات فعيبه أنه لم يحكم بالكرباج ولا أدمن الهزائم وخراب البيوت.. فالمصري مثل القط يحبّ خنّاقه.. ولذا فقد سرقوا منه فكرة (مترو الأنفاق) التي بدأت في عهده.. وسلبوا منه نصر أكتوبر واختزلوه في الضربة الجوية.. ولم توافق الدولة على تأسيس حزب باسمه.
ولأن الكلمة في النهاية دائماً للتاريخ.. فقد مضى (الرجل) إلى ربه.. وخرج علينا الصبية وصغار العقول يقذفون تاريخ الرجل.. ولكننا نعذرهم لأنهم لم يصلوا إلى مرحلة النضج العقلي بعد..
فأنور السادات رجل سبق عقله زمنه .. ولذا فلن يفهمه .. ويعرف قيمته.. ويدرك عبقريته .. إلا مَن كان له عقل يعي.



أزمة ضمير وأزمة رجال

اندهش رجال القصر.. ماذا حدث ؟ الملك (ليوا) ملك البيزنطيين ينتحب بشدة.. كل ما يعرفونه أن الأخبار نقلت إليه موت خليفة المسلمين (عمر بن عبدالعزيز) – عدوّه اللدود – تقدم أحد رجال البلاط من الملك (ليوا) ليعرف ما الخطب؟ لماذا هذا البكاء ؟ فيرد الملك بقولته التـي دخلت التاريخ : إن أهل الخير لا يلبثون في الأرض إلا قليلاً ..
نعم إننا نعاني من أزمتين.. أزمة ضمير .. وأزمة رجال.. ويمر شريط الأنباء القاتم.. لم يعد يجدي أو يلفت الأنظار .. لقد خارت الهمم وذبلت الاهتمامات الكبيرة ، واعتاد البعض ليل الأمة وألفوه .. فما وجدوا سوى الدين يتطاولون عليه.. أو يتاجرون .. وأصبحت تعاليم الإسلام تئن بين طائفتي (المسلمين المودرن) و (الورع البارد) وتخرج علينا الفئران كل تارة تدّعي العلم المستنير!! في وقت صار حال الأمة فيه يثير شفقة بعض الأعداء.. وتهتز الجغرافيا.. ويبكي التاريخ على مَن ماتت ضمائرهم وضمرت شهامتهم وخارت عزائمهم.. وسقطت ورقة التوت من هذا الذي يطلقون عليه النظام العالمي الجديد.
لقد تاهت المعالم وأصبح أنصاف المثقفين وأبناء الأنابيب يفتون ويهاجمون ويتطاولون على كل عزيز وغالٍ بعد أن اختلط الحابل بالنابل وأصبحنا في زمن تصيح فيه الدجاجة أعلى من الديك !!
أما آن لليل أن ينجلي وللكل أن يفيق ، ويعرف أننا مستهدفون.. أخشى أن يكون الدعاء هو السلاح الذي لا نملك غيره بعد أن أصاب الشلل الأطراف وخرجت الفئران من المجاري تتطاول على أحكام الدين بحجة التطرف وهي تحتسي النفايات الاجتماعية للحياة في الغرب معقل الحقد والكراهية على العرب والمسلمين الذين سادوا الدنيا وحملوا مشعل الحضارة إبان ليل الغرب الحالك السواد.. في وقت كادت بضاعة الشيطان فيه أن تبور..
يا ليل الأمة .. نعرف أن العار يلاحقنا .. وأن الليل الأسود ما عاد يفارقنا.. اشهد يا ليل الأمة أن الصبية – ولا ندري ما جنسيتهم – قد أصيبت آذانهم بالصمم فما عادت تسمع.. وأُسْقِطَتِ الحجب السوداء على الأعين فما عادت ترى!! وأصبحنا لا نعرف أين الثور ؟ ومَن المصارع ؟!! في وقت بات الشارع مسرحاً للأحداث الدامية .. ويحاول (الكومبارس) أن يكون لهم دور.. فيفقد المسرح توازنه ويتحول إلى حلبة .. الكل فيها مهزوم... وأحفاد القردة والخنازير يشاهدون الرواية ويتغامزون .. ولم لا ؟ ونحن نريحهم من عناء التخلص منا بعد أن تكفلنا بتصفية أنفسنا بأيدينا.. وفي آذاننا تَرِنُّ كلمة (جولدا مائير) : لو بقي المسلمون على أخلاق أسلافهم ما وُجدت دولة إسرائيل.
روى الإمام البخاري عن السيدة زينب بنت جحش > أن رسول الله ص دخل عليها فزعاً يقول: (لا إله إلا الله.. ويل للعرب من شرّ قد اقترب.. فُتح اليوم ردم يأجوج ومأجوج ) تقول زينب : قلت يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : (نعم ؛ إذا كثر الخُبَث) أي أصحاب الفتن والفجور والنفاق.
أخشى أن أكون غرقاناً في بحر من التفاؤل عندما أقول إن الخطر اقترب من القلب.. ويكون قد لامسه .. وَوُزِّعَتْ الأدوار في السيناريو المحكم.. عندها .. وعندها فقط .. يجري الزمن متسارعاً إلى نهايته لينفذ وعد ربي ووعده الحق وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

من يحمي أحمد زويل

لا فرق بين أمريكا وإسرائيل إلا في فن ممارسة الكذب بأسلوب مقبول، فالاثنان وجهان لعملة واحدة.. يكمّل بعضهما الآخر كطرفي مقص.. فعلى طبق من ذهب تقدم الولايات المتحدة الأمريكية – هذه الأيام – رؤوس 99 عالماً من علماء مصر في الطاقة والذرة والتخصصات النادرة المختلفة إلى حليفتها إسرائيل في موقع خاص بالإنترنت.. يتضمن كل المعلومات عن علمائنا.. الأسماء.. تواريخ الميلاد.. عناوينهم.. مستواهم الاجتماعي.. نشاطهم.. مراكز أبحاثهم.. آخر الأبحاث.. أهم المخترعات.. أدق التفاصيل.. و ...
اغتيــال العلمـاء العـــرب:
حكمت إسرائيل على الدول العربية – منذ قيام هذه الدويلة اللقيطة – بضرورة استمرار التخلف ولذلك فإن هناك صراعاً خفياً بين إسرائيل من جانب وبين كافة الدول العربية في محاولة إسرائيلية دءوبة لمنع التقدم العلمي العربي ، ولذا فقد قام الموساد باغتيال عالم الذرة المصري الدكتور (يحيى المشد)
في 14 يونيو 1980 وقد كان للدكتور (المشد) الفضل في محاولة إنجاز المفاعلين النوويين العراقيين (مجلة Naw البريطانية الأسبوعية).
وفي 27 يناير 1975 اختفى عالم الذرة المصري أو عبقري الذرة كما أطلقت عليه صحف تشيكوسلوفاكيا (الدكتور/ نبيل القليني) إلى الأبد .. خرج من بيته ولم يعد ، وأسدل الستار عند هذه الجريمة ، وللأسف فإن السلطات المصرية لم تحقق في هذه الجريمة.
ونعود إلى الوراء قليلاً .. وفي 15 أغسطس 1952 قتل الموساد عالمة الذرة الدكتورة/ سميرة موسى – أول معيدة في الجامعات المصرية – والتي قال عنها الدكتور والعالم البريطاني (بدفورد) .. ( إن سميرة موسى قد تغيّر وجه الإنسانية لو وجدت المعونة الكافية ) .. ويستمر مسلسل اغتيال علمائنا.. تمثيليات غير محبوكة عن الانتحار مثل العلاّمة (سعيد بدير) أو بزعم القضاء والقدر كما حدث في القصة الغامضة لعبقري مصر (الدكتور/ جمال حمدان) واختفاء مسودات كتابه عن اليهود! .. وغيرهم، وغيرهم وما خفي كان أعظم.
مَـن يحمي أحمد زويـــل ؟
إذا كان المصريون لم يعرفوا أن هناك عالماً فذاً اسمه (أحمد زويل) إلا من عدة سنوات فإن الموساد الإسرائيلي يرصد خطواته منذ أن وضع قدمه في الولايات المتحدة الأمريكية منذ حوالي 25 عاما.. دارساً وأستاذاً وعالماً في أكبر الجامعات الأمريكية.. تثير قفزاته العلمية أعصاب اليهود في تل أبيب وتجعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم حتى لا تتغير المعادلة ويختل ميزان القوة في الشرق الأوسط والذي من أجله يفعلون الممكن وغير الممكن حتى يستمر في صالحهم.. وإذا كان أحمد زويل قد زار إسرائيل في مهام علمية رسمية أكثر من مرة فليس معنى هذا أنه نال رضاهم وعقد معهم اتفاقية سلام جديدة..!! فاليهود ليس لهم أصدقاء إلا المال ومصلحتهم العامة التي من أجلها يريقون دماء الأنبياء.. فالموساد الإسرائيلي لا يعرف (الهزار) والدويلة اللقيطة تسير بخطوات ثقيلة لا تعرف الرحمة..
وبالرغم من أن أحمد زويل أصبح في الفترة الأخيرة (وجهاً إعلامياً) يتكلم أكثر مما يفعل يحاول إرضاء جميع الأطراف في لعبة سياسية تتشابه إلى حد كبير مع لعبة (أنور السادات) التي أدت إلى اغتياله.. فالدكتور/ يحيى المشد لم يكن أقل من زويل ولا سعيد بدير أو القلّيني أو سميرة موسى ، وغيرهم.. وهم الآن مجرد ذكرى حزينة و(حائط مبكى) عربي للندب على علمائنا الأفذاذ الذين لو كتب الله لهم الحياة لغيروا وجه البشرية.. فمن يحمي أحمد زويل ؟ من نفسه أولاً !! ثم من المخابرات الأمريكية التي تنتظر اللحظة التي سيقترب فيها زويل من الخط الأحمر.. ثم من الآلة اليهودية الرهيبة والموساد الإسرائيلي؟
إن قتل الأفذاذ في الآونة الأخيرة لم يعد هو إراقة الدماء وزهق الروح فقد تعددت الأشكال ، وتنوعت الأساليب.. وعندما يتكلم الرجل أكثر مما يفعل فهو في طريقه إلى ثلاجة الذكريات.. وعندما يتكلم فقط ولا يفعل أي شيء فقد ضغط على (زرار) موته الإكلينيكي..

دماء المصريين

كان الدكتور/ كمال الجنزوري – حفظه الله – قد شرع في إصدار قرار بعودة جثة المصري من الخارج على نفقة الدولة.. وجاء خصمه اللدود عاطف عبيد فشطب بأستيكة كل قرارات الجنزوري لمجرد العناد وإثبات الذات في الوقت الذي تتعامل فيه سلطات المطار مع (الصندوق) وكأنه مخدرات... وتبيع الأُسر المصرية كل ما تملك حتى تستطيع دفع تكاليف عودة جثمان فقيدها من الخارج .. بل إن بعض الأُسر تتسول المبلغ.. فهل كُتب على المصري أن يظل مقهوراً في حياته وموته ؟ .. وهل أصبحت مصر للأغنياء فقط ؟ وهل تجرؤ كليات الطب أن تقترب من جثة أحد أصحاب المال والنفوذ ؟ وهم الذين يعبثون بجثث الفقراء التـي تحولت إلى تجارة رابحة وباتت بعض المقابر في القاهرة غنائم للنبّاشين الجدد.. وتصدرت مصر قائمة حوادث السيارات في العالم.. وصار الأمر مجرد خبر في صفحة حوادث للتسلية وقتل الوقت.
مَن يحمي المصري من ظلم أخيه المصري أولاً.. ثم مِن (المرضى الحاقدين) في بعض الدول العربية ... فقد عاد النخاس الجديد في عصرنا التكنولوجي في صورة (كفيل) .. وهي فرصة ثمينة اغتنمها العرب المصابون بمركبات النقص تجاه كل ما هو مصري.. وهل كان هؤلاء يحلمون يوماً أن يبقى المصري عندهم خادماً ومزارعاً وسائقاً.. وأشياء أخرى يعف قلمي عن ذكرها ؟
إن سياستنا الفاشلة طيلة نصف قرن هي التـي أدت إلى تدهور اقتصادنا ومواردنا الحيوية.. وهي التـي اضطرت المصري للهجرة إلى بلاد البترول فأصبح (ملطشة) لكل من هبّ ودبّ .. وتدخل عشرات الصناديق التـي تحمل شباباً مكافحاً إلى المطار أسبوعياً من الأردن ومن دول الخليج والسعودية ، ولم نسمع عن رد فعل واحد من سفير أو وزير خارجية .. وكأن الأمر لا يعنيهم، وأن هذه الجثث تابعة لجزر القمر أو قبائل الهوتو..
إن صمت المسئولين على دماء المصريين في الخارج فاق كل تصور وتجاوز كل الحدود.. وصار لغزاً أتمنى أن يكشفه الله قبل أن يرث الأرض وما عليها..
أيها المسئولون .. ارحمونا .. لا رحمكم الله..

معلش احنا بنتكلم

خالتي بهانة واللومنجي والواد رِف وضعوا الخطط الجهنمية للكرة المصرية من أول (أبو لمعة) اللي شاط الكورة في ملعب السكة الحديد ووصلت كفر المعزة حتى (إبراهيم سعيد) اللي بيحط على شعره مرة كاتشب ومرة ملوخية!! وخالتي بهانة يا سادة هي اللي جعلت الشيخ طه إسماعيل يبدل أرقام فانلات اللعيبة في جمهورية فيحان العظمى عشان البخت والخطة وشدي حيلك يا بلد.. وبعد الهزيمة قالوا: الطقس والحكم والملعب والجلدة والفلتر.. حتى جاء الحاكم بأمره محمود بن جهرون الذي شقلب الترويسة ودوري السيجة ونظام الانحراف ــ الاحتراف سابقاً ــ وجعل من الواد شحاتة بن الحاجة نعناعة كابتن قد الدنيا بيضحك على البيض والحُمر ويلهف البكاوي والأساتك والقانون لا يحمي المدربين ــ اللي تاعبين نفسهم في دوري الكورة المصري وهم أول العارفين إن الدوري زي الأفلام العربي في النهاية البطل للبطلة والدوري في الجزيرة ، وعشان كده خالتي بهانة بعتت مكتوب للدهشوري حرب 67 بأن يرسل فريق الكورة بتاع الأهلي في قطار الصعيد.. عشان الدوري يبقى مفلفل وله طعم ، ومنها نخلص من الأهلي ببركات القطر... ومنها الزمالك ينافس على المركز الثالث. ولكن سمير بيه زاهر رفض اقتراح خالتي بهانة واتهمها بالخيانة الكروية وقلب نظام الملوخية من أجل العراسيب التـي قحقحت في السجيم لتلاحم قوى الدوري العامل والكفاح المتفشي من أجل رفع راية الكورنر وعلشانك يا مصر.. واللي فاهم حاجة يسأل اللي مش فاهم، واللي مش فاهم يروح للدكتور اللي حماره غُلب مع المدربين وعقدة المركز الثاني فأرسل الواد الفتوة بتاع حجرة الملابس للعرافة الكبيرة أم خالتي بهانة من أبوها من الرضاعة الريري كمان عشان تعمل له حجاب في حجم الكورة اللي فاتت من بين رجلين عبدالواحد وتعمل حجاب لكل لاعب في الفرقة وواحد على باب النادي عشان يبعد مرتضى منصور ، ولكن أم خالتي بهانة طلبت وأصرت وألحت على حضور الدكتور بنفسه وجاء الرجل يجر أذيال المركز الثاني ويتمتم : إن كنت أعزّ عليك فخذ بيديّ .. فأنا مقهور من رأسي حتى قدمي.. فقاطعته أم خالتي بهانة : مقدورك أن تبقى في المركز الثاني، لكن أنا مش هسكت وهعمل لك عمل ما يخرش المية يخلي الخطيب يصبح زملكاوي وثابت يحب شوبير والزمالك يطلع من محطة المركز الثاني .. لكن فين يا دكتور أنا مش عارفة .. لأن زحل دخل في المشترى وعطارد بيبكي على وليد صلاح الدين .. لكن كل مصيدة تسلل لها مصطفى عبده، وكل شبكة ولها حسام.. بس مش حسام بتاعكم اللي بينط لتحت.. وما عليك إلا أن تجيب ورك سمكة حامل وعرف ديك أحول وريشة من حمامة دنشواي وشعرة من رأس الرجال الصالح وضفدعة من بحر الغزال وورقة التوت بتاعة النظام العالمي الجديد وخيطة من فستان مونيكا وحبهان ومستكة وودن جراد دكر ونملة عندها شلل أطفال ، ثم تخلطهم ببعض في حلة هندي وتصب فوقهم ماء من النيل قبل ما يتلوث وتترك الحلة على نار الشمعة 6 سنين عدد مرات فوز الأهلي بالدوري على بعض ثم تلحس الحلة بلسانك على الريق في يوم 30 فبراير من كل سنة وبعدها تبخر المدرب كابتن ليفة ببخور أسواني وهو اللي هيجيب بنفسه العمل ويحرق الحجاب اللي مخلي الأهلي بياخد الدوري والأهلوية حاطينه في حمّام الفيفا .. فابتسم الدكتور بعد أن عرف السر الخطير وأقسم برأس مرتضى منصور أن يفضح الأهلوية في مجلس الأمن ودول مالهاش دعوة ببعض ، وفي المجلس الأعلى لجمهورية زفتى وجمهورية شبين وجمهورية شبرا، وأنه سيذهب إلى أستونيا ومزارع دينا ليكشف السر ، وسوف يرسل المدرب خازوق الرايق الشهير بكابتن ليفة إلىدورة مياه الفيفا ليأتي بالحجاب ويشد السيفون.
وقبل ما الكابتن ليفة يسافر الفيفا .. كانت الست مرجانة زوجة علي بابا وبنت الشيخ (ملاّكي) وخالة سمنة المعزتين .. عنده في البيت .. وحلفت براس الدهشوري حرب 67 .. أن أم خالتي بهانة عرافة نصابة وعميلة لجمهورية الخوف والكيت كات ووراق العرب وجهاز مخابرات القارة القطبية ومؤسسة (إف. إخص. دبليو) وحمّام التلات .. وجامعة الباطنية .. ومعهد العسّال والورشة بشبرا.. وأنها تعرف الحقيقة المرة .. والحقيقة بتاعة أحمد بدير في ريا وسكينة .. والحقيقة (البرافدا) في روسيا وحقيقة ثورة جمال عبدالناصر والأربعين حرامي.. وأن عطارد متعامد على (طرنشات) شارع ناهيا ومجاري عزبة النخل ، وزحل رايح ناحية (ميت عقبة) ، وكوكب المشترى طالب حق اللجوء العاطفي عند جامعة الدول العربية ، وأن إبراهيم عثمان لابسه جن أبيض شرس وحسن حمدي جاب الأهرام والأهلي البيت وخلاص هيجيب نادي الصيد.. والسر يا كابتن ليفة اسمه (حسام حسن) والجن الأزرق بيقولك: لو تجيبوه هتاخدوا البطولات.. وإن سابكم هتغنوا ظلموه.. والدوري معلّق في رباط الجزمة .. ومن غيره مالكمشي لازمة.. وسيبك من بهانة أم قُصّة ولبانة.. دي أصلها عضوة في الحزب الوطني .. والحداية ما بترميش كتاكيت
ولا حتى فيران..
واللي يحب النبي يزق.. ورقصني يا زمن بتوع الكورة

يهودالدونمة فى مصر

( لقد خرج يهود الدُّونَمَة من الأندلس بعد سقوطها في 1492م واستقروا في تركيا حتى إلغاء الخلافة الإسلامية في 3 مارس 1924م .. ليتجهوا بعد ذلك صوب مصر) .. كان الله ثالثنا عندما قال لي الشيخ العلاّمة هذه الكلمات المرعبة ونحن في منزله على هامش حوار صحفي طويل لم يُنشر !!
وكلمة (الدُّونَمَة) تعني بالتركية (الرِّدّة) وهم جماعة من اليهود الذين أسلموا ظاهراً وسكنوا منطقة الغرب من آسيا الصغرى.. ونجحوا في إخراج الإسلام من الأندلس وكسروا القاعدة الذهبية التـي تقول إن الإسلام ما دخل أرضاً إلا واستقر فيها.. وكانت الطامة الكبرى في نجاح أحد أفرادهم في الوصول لكرسي الحكم في الدولة العثمانية.. ليلغي الخلافة الإسلامية.. والحروف العربية.. والأذان.. وتصبح تركيا على يد ” كمال أتاتورك“ شوكة في ظهر العالم الإسلامي بعد أن كانت مركزاً للخلافة.
ص أصل الدُّونَمَة الحديثة:
ولد (سباتاي زيفي) في يوليو 1626م بمدينة أزمير التركية من أبوين يهوديين مهاجرين من (أسبانيا) .. وكان شغوفاً منذ حداثة سِنِّه بمطالعة الكتب الدينية.. ذكياً واعياً.. وفي 1648م ادّعى (سباتاي) النبوة فصدّقه بعض أصدقائه واتبعوه.. وظل يجوب أنحاء تركيا.. وبدأ يتجاوز اليهود إلى غيرهم من الطوائف وفئات الشعب.. وهنا شعرت السلطة العثمانية بالخطر .. فصدر الأمر بإلقاء القبض عليه .. ولكي ينجو من عقوبة الإعدام التـي تنتظره أعلن إسلامه.. وكانت تلك هي بداية (دَوْنَمَة) تركيا بعد القضاء على الإسلام في الأندلس ..
” تقدم سباتاي زيفي (محمد أفندي عزيز) إلى المفتي يطلب السماح له بدعوة اليهود إلى الإسلام.. فلما حصل له ما أراد ؛ استأنف دعوته السابقة مستهدفاً تأسيس مذهبه الجديد، المسلم في الظاهر ، اليهودي في الباطن.. فجاءه الأتباع من كل مكان.. ولبسوا الجبب والعمائم “
لم تنته دعوة الدُّونَمَة بموت (سباتاي زيفي) في 30 سبتمبر 1675م فقد واصل أتباعه المسيرة.. تعلن عنهم الأزياء الغريبة التـي يرتدونها.. فالنساء
لا ينتعلن غير الأحذية الصفراء.. والرجال يضعون على رؤوسهم قبعات صوفية بيضاء لُفّت عليها عمائم خضر.. وكانوا لا يصومون ولا يهتمون بالاغتسال. وقد تولى (يعقوب الجلبي) الذي استقرت عائلته في العراق فيما بعد – تولى رئاسة الدُّونَمَة بعد (سباتاي زيفي) ثم حدث أول انقسام في طائفة الدُّونَمَة بزعامة (مصطفى الجلبي) أحد أقاربه ، وكان ذلك بعد مرور 14 عاماً على موت (زيفي) وهكذا توغل سرطان الدُّونَمَة في المجتمع الإسلامي.. يوزعون الأدوار فيما بينهم.. ويرسلون عائلات منهم لتستقر في بلدان إسلامية لتنخر فيها كما ينخر السوس في الخشب الهش.. يلبسون زِيّ المسلمين زوراً.. مسلمون في الظاهر.. يهود في الحقيقة .. فهم حفدة ابن سلول وابن سبأ ومسيلمة الكذاب...

لم يترك يهود الدُّونَمَة شبراً من أرض الإسلام .. يركزون دائماً على ثلاثة ميادين: الإعلام !! والاقتصاد !! والسلطة !!! ولا عجب أن ترى أحمد أو محمد أو عبدالله .. يهاجمون ثوابت الإسلام بضراوة ويدعون إلى التحلل الأخلاقي والحرية الجنسية..

وقد ضحكتُ طويلاً عندما قرأت للأستاذ/ محمد علي قطب – أن يهود الدُّونَمَة هاجموا بعنف حجاب المرأة المسلمة !! .. إن ما تقوله أقلام العلمانيين في هذا الأمر الآن ليس جديداً .. فالعرق دساس .. واقرءوا ما لم يُنشر عن تاريخ عائلة (قاسم أمين) التركية !! وجذور (برويز مشرف) حاكم باكستان..

والحقيقة أن زحف يهود الدُّونَمَة إلى مصر بدأ مبكراً في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وقبل سقوط الخلافة الإسلامية بأكثر من مائتي سنة..
إن وجود يهود الدُّونَمَة في مصر (واقع) تعرفهم من أفكارهم وأعمالهم.. والأمر لا يحتاج إلى جهد أو ذكاء شديد.. فلا فرق بين كوهين وعزرا وناحوم .. ومحمود أمين أو زكي جمعة أو عبدالمنعم سعيد أو عائشة سعيد أو محمد الباز.. ومحمد المصري – على سبيل المثال .. فالدُّونَمَة عندنا هي العلمانية وأيتام الشيوعية وأرامل الماركسية.. والمسميات التـي انبثقت من الأصل المرعب لا تغيّر شيئاً.. ولم تعد تنطلي حتى على البلهاء من بني جلدتنا.. فالأمر خطير ، والقضية تحتاج إلى باحث واعٍ ومتفرغ يعمل بسريّة تامة حتى لا يفقد حياته سريعاً كما حدث مع الذين حاولوا من قبل.. وقفزات الدُّونَمَة الهائلة في المجتمع الإسلامي جعلت المستحيل ممكناً.. والثوابت وجهات نظر.. فالدونمي قد يكون صديقك أو جارك.. أو هذا الصحفي.. أو تلك المطربة.. وقد تراه جالساً على كرسي الأزهر !

التنجيم السينمائي واللعبة القذرة

في 28 ديسمبر 1895 (بباريس) ظهر للدنيا أول عرض سينمائي تجاري صامت، وصار حديث الناس في أنحاء المعمورة.. حتى انطلقت السينما الناطقة وسيطرت على مفردات الحياة الاجتماعية والسياسية تماماً.. ولم تكن جماهير السينما وعشاق (الفن السابع) قد أدركوا حقيقة الأمر مع انتصاف القرن العشرين.. فالفيلم السينمائي لم يكن قد وصل إلى مرحلة النضج بعد .. والرؤية ضبابية وغير مكتملة.. ولم يكن حتى بعض نجوم الفن يدركون أن السينما لعبة مخابرات.. وتوجيه.. وسياسة.. وأنها ظهرت وانتشرت على يد أثرياء اليهود الذين وضعوها على رأس (البروتوكولات) الشهيرة لتحقيق مآربهم والتمهيد لأهدافهم.. فظهرت السينما في مصر أيضاً على يد يهود.. استطاعوا بنجاح كبير أن يضعوا السمّ في العسل وأن يشيعوا بين المصريين بعض المصطلحات والألفاظ التي تناقض ثوابت العقيدة وعادات المجتمع بداية من (شبشب زنوبة وخدّوجة!!) حتى أفلام الانحلال .. وبدلة الرقص! .. وعندما يظهر (علي الكسار) في فيلم (سلفني 3 جنيه) أثناء مباراة للملاكمة وخلفه نجمة داود فهي ليست مصادفة.. فاستغلال نجوم الفن المصري بواسطة المنجّمين والمخرجين اليهود الذين كانوا يفهمون اللعبة جيداً.. ابتداءً من داود حسني والمخرج توجو مزراحي حتى ليلى مراد ــ التي أسلمت بعد ذلك ــ ومنير مراد وراقية إبراهيم (التي مثلت مع عبدالوهاب في فيلم الوردة البيضاء) وكانت تعمل مع الموساد الإسرائيلي.. ثم النجم الشهير (ميشيل شلهوب) الذي أعلن إسلامه كي يتزوج من الممثلة فاتن حمامة وسمى نفسه (عُمر الشريف) وقد ارتدّ بعد طلاقه من الممثلة المذكورة لكنه لم يعد للديانة اليهودية أو غيرها!!!
كان هذا الاستغلال في تلك الفترة سمة رئيسية .. حتى قيام ثورة 1952 لتنتقل السينما المصرية إلى التبعية الشيوعية ثم الاشتراكية وأخيراً في براثن الأمركة التي فاقت كل أخطار الدنيا مجتمعة !!!
بدأت لعبة التنجيم السينمائي في 1913 بفيلم (حياة اليهود في أرض الميعاد) ثم (زوجة الهندي) في نفس العام.. وفي 1927 ظهر فيلم (ملك الملوك) وتوالت هذه السلسلة من هوليود تبشر اليهود بالعودة إلى أرض الميعاد (فلسطين) وتمهد الأرض لما سيحدث في 1948 !!
بدأت السينما الإسرائيلية تخطو أولى خطواتها في 1949 بفيلم (التل 24
لا يرد) ويتحدث عن قيام إسرائيل وحقها المشروع في الأرض ! ثم كانت مجموعة الأفلام التي تدعو إلى التوسع وأكذوبة من النيل للفرات في (غيوم فوق إسرائيل) 1956 و (التوراة في البداية) 1966 ، و (حائط أورشليم) 1969... وقد تحققت سيناريوهات هذه الأفلام على أرض الواقع.. وخطوة للوراء في 1932 عندما ظهر فيلم (عازف الكمان على السطح) لم يحقق أي نجاح سينمائي ولكن أحداث الفيلم التي تحكي عن هجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل والتفاصيل التي نعرفها جميعاً عن أحداث هذا التهجير وما صاحَبَه من ضجة إعلامية عالمية.. طابق السيناريو الواقع !
إنه التنجيم العصري الذي لا يقرأ الكف ولا الفنجان وإنما يروّض شاشات السينما لتمهد للأحداث الـمُعدّة سلفاً.. ليرى رد الفعل الذي يبنى عليه خططه المستقبلية.. لكن على أرض الواقع.. فلم يكن فيلم (الصعود إلى القمر) الذي سبق صعوده الفعلي بأقل من عام مجرد مصادفة.. ولم يكن ظهور الفيلم الأمريكي (الوباء) قبل ظهور مرض (الإيبولا) بثمانية أشهر فقط – مجرد خيال علمي مأخوذ عن قصة المؤلف الأمريكي (ريتشارد بيترسون) منطقة الخطر.... ولم يكن فيلم (ذيل الكلب) الذي سبق أحداث كلينتون ومونيكا ويحكي عن رئيس أمريكي يريد تغطية فضائحه الجنسية بضرب دولة إسلامية.. أيضاً مصادفة.. فقد تم ضرب عدة مناطق بالسودان ومنها مصنع الأدوية الذي أثار تدميره غضبة كبيرة .. أما فضيحة الرئيس الأمريكي وحكاية (مونيكا) فهي معروفة للجميع.
ويُعرض بالولايات المتحدة منذ سبتمبر 1998 فيلم عن الإرهاب.. يحكي بأن أمريكا قد انتشر فيها الإرهاب بصورة كبيرة فأصدرت الإدارة الأمريكية قراراً بالقبض على كل من يقول لا إله إلا الله داخل الولايات المتحدة الأمريكية.. وإنا لمنتظرون!
في 1986 ظهر فيلم (خماسين) وحقق نجاحاً منقطع النظير في الأوساط اليهودية ونال جائزة الليكود للثقافة الكبرى وكانت فكرة الفيلم تقول : (إن إسرائيل نجحت في التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين. ولكن الشعب الإسرائيلي بعد ذلك شعر بخطورة الأمر فتتحرك مجموعة منهم لإنقاذ إسرائيل ويقومون بعمليات عنف وإرهاب كبرى فيعمّ الذعر الأرض المحتلة ويفر الفلسطينيون إلى البلاد العربية ليفسحوا الطريق لليهود الجدد من أنحاء العالم!!! ) ..
أما الطامة الكبرى والتي سيتوقف عندها التاريخ طويلاً .. ما حدث في الغزو العراقي للكويت.. في العدد 353 من مجلة العربي الكويتية – وهذا العدد في مكتبتي – إبريل 1988 موضوع بعنوان (العربيّ كما تراه هوليود) للكاتب اللبناني (د/ جاك شاهين) يسخر فيه من فيلم أمريكي ظهر في 1984 اسمه (الدفاع الأفضل) يصور كيف يقوم الجيش العراقي بمهاجمة الكويت وطريقة السلب والنهب.. وأن الكويت استنجدت بأمريكا لحمايتها.. حتى إن الفيلم ذكر تفاصيل هروب السيارات الكويتية في الصحاري السعودية والأردنية !! ومعاناة هذه السيارات في الرمال.. وذكر الفيلم تفاصيل دقيقة حدثت بعد ذلك في اليوم الثاني من أغسطس 1990 وما بعده تماماً !! وهكذا يكون التنجيم السينمائي الأمريكي القذر والمدروس في منطقتنا العربية والإسلامية على مرأى ومسمع من الجميع وبشكل يدعو للأسى بعد أن أصبحت خريطتنا صيداً سهلاً لكل المنجمين.. وبلا استثناء.. فعندما يظهر فيلم مثل (دراكولا) 1999 للمخرج الأمريكي (فرانسيس فورد كوبولا) يُقدم من خلال رؤية سينمائية .. مفهوم (صِدام الحضارات) لـ صمويل هنتنجتون الذي يجعل من الإسلام العدو الأوحد والخطر المدمر بعد زوال الشيوعية.. وبعد أن أطلق مخرج الفيلم كلماته التي تحمل الكثير (الفيلم السياسي لا يناقش السياسة، بل هو الفيلم الذي يغيّر رأي الناس تجاه موضوع محدد) .. كل ذلك يجب أن يجعلنا نعي جيداً أننا أصبحنا الهدف... والغزال الذي تلاحقه كل كلاب الصيد.. فماذا نحن فاعلون؟!!

هاشم الرفاعى..بين التهويل والتهوين

لم يدر بخلدي قبل صيف 1995 الملتهب أن هناك من يشاركني هوايتي الغريبة وأنني لست المجنون الوحيد الذي يستخدم وسائل المواصلات داخل القاهرة والاستيلاء على مقعد في (الأتوبيس) بالساعات ــ من أجل القراءة والقراءة فقط ــ وأن (الأتوبيس) المتجه من وإلى المطار به مجانين مثلي..
كانت الساعة قد تخطت الخامسة بقليل ــ بتوقيت القاهرة الصيفي ــ والشمس تنكسر حدتها ببطء شديد ، ونهار الصيف المؤلم يصارع الليل حتى لا يجيء ، والحافلة تنطلق.. تخرج من الشرنقة.. تودع الأذن ضجيج القاهرة بالتدريج.. تطل نسمات صحاري مصر الجديدة ــ المطار .. يفاجئني صاحب المقعد المجاور لي باستفهام أفزعني : ( هاشم الرفاعي ؟!!) .. كاد الكتاب أن يسقط من يدي.. هبطتُ على أرض الواقع بعد أن سرقني هذا الكتاب من الزمن.. أجبته متلعثماً: نعم .. ولكن ابتسامته الهادئة لم تلبث أن تلاشت معها كل هواجسي..
ــ (ماذا تعرف عنه؟! ) .. تأملت ملامحه جيداً لأول مرة وامتطيت نرجسيتي لأستعرض عضلاتي الثقافية بعد أن أثارها باستفهامه التهكمي..!!
ــ كتبتُ عنه موضوعاً لإحدى المجلات العربية أقرب إلى التحقيق منه إلى المقال ولم ينشر.. فمدير مكتب المجلة في القاهرة قال لي كعادته (إنت مش حترتاح إلا لما تقفلها وبعدين نبيع بطاطا).. يضحك صاحبي بصوته ــ وكأنني قلت نُكتة ــ ثم يقول : هؤلاء المدراء يجاملون تلك المجلات العربية على حساب بلدهم والكثير منهم تخطى سن الخمسين ومازالوا في عداد النكرات.. ولكن (هاشم الرفاعي) توفي وهو طالب بالفرقة الثالثة بكلية دار العلوم ، وكما ترى أبدعَ وسطّر حروف اسمه بحروف من نور في سجل المبدعين..
ــ دعنا من الصحافة وهمومها وقل لي أنت من هو (هاشم الرفاعي) ؟!!
كان الأتوبيس قد وصل إلى محطته الأخيرة ــ موقف مطار القاهرة الجديد ــ ويستعد ليعاود الكَرّة من جديد.. والقادمون من مختلف بلدان العالم يُقبّلون ربوع المكان، والمسافرون يغسلون بدموعهم آلام الغربة القادمة.. وصديقي الجديد يفتح صندوق الدنيا ويسرقني من عامليْ الزمان والمكان لنتجول سوياً في عالم (هاشم الرفاعي) نتفيّأ ظلال ذكراه.. يا عُشب الذاكرة الأخضر.. ويا ماء الحياة الأزهر..
وُلد (هاشم جامع هاشم الرفاعي) في أنشاص الرمل ــ التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية في 15 مارس 1935م/1354هـ في أسرة مسلمة متدينة.. حفظ القرآن صبياً في كُتّاب القرية.. ثم يلتحق بعدها بكلية (دار العلوم) بالقاهرة ولم يكن (هاشم الرفاعي) مُجرد طالب موهوب.. بل كان مُسلماً متديناً حتى النخاع.. دانت له اللغة العربية فأصبحت طوع بنانه.. فإذا به ملء السمع والخاطر بطول البلاد وعرضها.. حيث انطلق كفارس من فرسان الشعر الجدد وذاع صيته في مهرجانات القاهرة ودمشق ــ وهو في العشرين ــ وقد تم اختياره طالباً مثالياً للجمهورية عام 1959م ..
كان هاشم الرفاعي شاباً متمرداً على السلبيات المألوفة ، يؤمن بأن الوطن لم يبتسم بعد والحرية حمامة مذعورة قصّوا أجنحتها.. ولذا هاجم (رجال الثورة) وهاجم (جمود الأزهر) وتم فصله أكثر من مرة من (المعهد الأزهري ودار العلوم) التي التحق بها فيما بعد.. وقد كتب وهو في الصف الأول الثانوي الأزهري قصيدته التي فُصِل بسببها عاماً كاملاً:
قُم في ربوعِ المجدِ وابكِ الأزهَرَا
واندُبْه روضاً للمكارمِ أقفرا

ولولا تدخل (محمد أنور السادات) رئيس مجلس الأمة حينذاك لتم فصله نهائياً.. والعلاقة بين (الرئيس السادات) و (هاشم الرفاعي) حيرت كل المهتمين بالأدب ومازال النقاد يلهثون ليعرفوا سر العلاقة بين الشاعر المتمرد وبين الزعيم (السادات).. وبالرغم من تمرد (الشاعر الدرعمي) على رجال الحكم حينذاك.. إلا أن الأمانة الأدبية تقتضي أن نقول: إن كمال الدين حسين ــ وزير التعليم ــ بذل الكثير من الجهد كي يروّض هذا الشاعر الشاب المتمرد.. فقد وجد الوزير في (هاشم الرفاعي) ضالته ووجد فيه الأمل الذي سيعيد (راية الشعر) إلى (مصر) بعد أن استقرت في (لبنان) بعد رحيل (شوقي) و (حافظ) .. وكان الوزير على وشك النجاح بإعادة الراية وتتويج (الرفاعي) أميراً جديداً لكن القدر أراد شيئاً آخر.. فقبل أن يُكمل (الشاعر) دراسته بكلية دار العلوم عاجلته المنيّة على أيدي بعض الحاقدين.. واستشهد الشاعر العظيم وهو مازال طالباً في الجامعة في 1 يوليو 1959 وهو لم يكمل الرابعة والعشرين.. أبدع فيها ما أبدع بالرغم من مشاكل إبعاده عن الدراسة وفقده لعامين بسب الفصل والمطاردة..
كان هاشم الرفاعي ~ يرفل في رداء الإسلام لا يترك مناسبة إلا وكان النجم الأول فيها..
أمسياتٌ من الضياءِ وليلٌ
ساهرٌ عنده تجمّع قومي
في خشوعٍ لا يسمع المرء منهم
رفَّ في جُنحِه الإخاءُ وزَانَهْ
حول شيخٍ مُرتّلٍ قُرآنَه
غير همسٍ: سبحانه.. سبحانَهْ

غاص هاشم الرفاعي في بحور الأدب العربي.. كتب في القصة والمسرحية.. وله محاولات شعرية باللغة العامية.. وقد أُطلقت عليه العديد من الألقاب: البُحتري الصغير/ شاعر الإسلام/ شاعر الطبيعة/ شاعر العروبة/ معجزة الشعر العربي...
ملكنا هذه الدنيا قرونا
وسطّرنا صحائفَ من ضياءٍ
وأخضَعَها جدودٌ خالدونا
فما نَسِــيَ الزمانُ ولا نَسينا

أما قصيدته الخالدة (رسالة في ليلة التنفيذ) فقد كان لها الغَلَبة والدور القوي والفعال.. حتى إن الكثيرين لا يعرفون له إلا هذه الملحمة ــ والتي كتبها قبل أن يكمل 19 عاماً من عمره القصير.. ومازال الكثيرون يعتقدون إلى الآن أن (هاشم الرفاعي) كان معتقلاً وأبدع هذه الملحمة الخالدة (رسالة في ليلة التنفيذ) داخل زنزانته.. ولكنها في الحقيقة رؤية شاعر أبدعها وهو في حجرة منزله.. وقد ذهب بعض نُقّاد العربية إلى أن (رسالة في ليلة التنفيذ) من أفضل 10 قصائد عربية قيلت في الخمسين سنة الأخيرة.. وقال بعض المتحمسين إنها من أفضل 10 قصائد في تاريخ الشعر العربي الحديث..
أبتاهُ ماذا قد يخطُّ بناني
هذا الكتابُ إليكَ من زنزانةٍ
لم تبقَ إلا ليلةٌ أحيا بِها
والحبلُ والجلاّد منتظرانِ
مقرورةٍ ، صخرية الجدرانِ
وأحسُّ أنّ ظلامها أكفاني

ويحلّق (هاشم الرفاعي) في سماء الشعر بين التدين والفلسفة والوصف والهجاء...
ومِن العواصِفِ ما يكون هبوبها
إن احتدامَ النارِ في جوفِ الثَّرَى
وتتابعُ القطراتِ ينزلُ بعدَهُ
بعد الهدوءِ وراحة الرُّبانِ
أمرٌ يثيرُ حفيظة البركانِ
سَيْلٌ يليهِ تدفقُ الطوفانِ

يقول الدكتور/ ذكي المهندس ــ عميد كلية دار العلوم الأسبق: لو قُدِّر لهاشم الرفاعي البقاء لكان أشعر أهل زمانه.. بينما أجمع كل من الروائي (يوسف السباعي) والدكتور/ عبدالحكيم بلبغ ــ عميد سابق لدار العلوم، والدكتورة/طلعة الرفاعي والأستاذ/ شفيق جبري (سوريا) .. أن هاشم الرفاعي لو عاش لسن الثلاثين لغيّر مجرى الشعر العربي وسحب البساط من شعراء العربية قدامى ومحدثين.. بينما يؤكد الدكتور/ أحمد هيكل ــ وزير الثقافة الأسبق أن هاشم الرفاعي كان (مشروع أمير لإمارة الشعر العربي) .. أما أستاذه (علي الجندي) فيقول: لو عاش هاشم خمس سنوات أُخرى لفاق شعراء العربية قاطبةً... بينما يؤكد الكُتّاب (مجدي الشهاوي ــ المتبني لحياة الشاعر) ومحمد كامل حتة / ومحمد حسن بريغش ــ الأردن ) : أن هاشم الرفاعي كان مُعجزة شعرية يصعب تكرارها.
ثم اختنق المصباح.. وذبلت الزهرة.. ومات هاشم قبل أن يكمل 24 ربيعاً..
أنا يا بُنَيّ غداً سيطويني الغَسَقْ
لم يبقَ من ظلِّ الحياةِ سوى رَمَقْ

وقد قامت كلية دار العلوم بتأبين الشاعر في جلسة باكية ضمت أساطين البديع في مصر والعالم العربي يتقدمهم وزير المعارف المصري ونخبة من الشعراء يرثون فقيد الشعر الشاب.. أحمد هيكل / علي الجندي/ شفيق جبري .. وغيرهم .. واختتمت الدكتورة السورية (طلعة الرفاعي) الليلة الحزينة بقولها:
يا زهرةٌ لو أُمهِلَتْ ملأَتْ نوافِحُها الرحاب
لهَفِي عليكَ فهل يطولُ على الحِمَى منكَ الغيابْ

كان هاشم الرفاعي يميل إلى تأييد (محمد نجيب) .. وعندما زار الرئيس نجيب محافظة الشرقية لتوزيع الأراضي على صغار الملاك قال:
أملٌ تحقق في البلاد عسيرُ
لما أعيد إلى الكنانة مجدُها
قد كان في خلد الفقير يدورُ
وانجاب عنها الليل والديجُورُ

ص وقفــــــــــــة ..
لا أتفق مع الذين صبغوا ديوان الرفاعي وقصائده إلى ما يؤمنون به (هم) من أفكار.. فالأستاذ/ محمد كامل حتة في 1960 جعل منه شيوعياً.. والأستاذ/محمد حسن بريغش في 1980 جعله أصولياً.. والحقيقة أن هاشم الرفاعي في سنواته الأولى لم يكن سوى شاعر مبدع فقط.. يمتدح جمال عبدالناصر ثم يهجوه!

جمعتَ لنا كياناً ضاعَ بين الناسِ واضطربا
وكنا في تخبطنا نخاف الغربَ إنْ غَضِبا
فلولاك لأصبحنا فريسته إذا وثبا
وأشْهَدُ أن أهل الأرض قد عرفوا بك العَرَبا

ويقول في 18 يونيو 1959:
الآن صارَ الدهرُ طوع بنانهِ
فانهض بشعبكَ يا جمالُ فإننا
مدَّ الذراع لمجده ترحيبا
جئنا نردد عهدنا المكتوبا

ثم يقول في جمال عبدالناصر:
لو كان عهدك قبل عهد محمدٍ
لَلُعِنْتَ يا فرعونُ في القرآن

وأيضاً :
أو ليس مَن فاق الطغاة ضراوةً
أو ليسَ مَن صبّ البلاء مضاعفاً
أو ليسَ منكر كلَّ حقٍ حوله
وأحلَّ من حُرِّ الدماء حراما
وأثار للرعب البغيض قتاما
ولو استطاع لأنكر الإسلاما

وبالرغم من أن هاشم الرفاعي مات وهو محسوب على التيار الإسلامي إلا أنه من أشد وأقسى الشعراء الذين هاجموا دعوة الإخوان المسلمين..
في سبتمبر 1952 يقول في قصيدة (دعوة للجيب ) :
رهطٌ من الأطفال والصبيانِ
هم عصبةٌ للشر نعلم أنها
قالوا عليهم شعبة الإخوانِ
قامت على واهٍ من الأركانِ

الطريف أن هذه القصيدة تَبَرَّأَ منها كل المحققين لسيرة الشاعر وأسقطوها من قصائده.. إلا أن الأستاذ/ عبدالرحمن جامع الرفاعي ــ شقيق الشاعر ــ أوردها في كتابه.. وذكر أن شقيقه كان يهاجم أشخاصاً بعينهم من الإخوان.. كان قد اختلف معهم.. فكتب قصيدته الغاضبة..
يقول الرفاعي في الإمام حسن البنّا :
ليلٌ تلألأ فيه نجمٌ يلمعُ
به الرياض عبيرها يتضوّعُ

ويقول في الإخوان:
فهناك جندٌ قام يسعى جاهداً
الله أكبر.. في الحياة نداؤه
لله درّ القوم إن نفوسهم
في الدين يقتلع الفساد وينزَعُ
يمشي بها نحو الخلود ويُسرعُ
لتشعّ بالحق اليقين وتنبُعُ

ويعلق الأستاذ (عبدالرحمن الرفاعي) على ذلك فيقول : (إن هاشم كان متعاطفاً مع التيار الإسلامي ، ولكنه لم ينضم إلى أي تنظيم سياسي أو ديني.. ) فهو من أسرة متصوفة تصوفاً سنياً وينتهي نسبه إلى الإمام أحمد الرفاعي مؤسس الطريقة الرفاعية..
إنّ المزايدة على الشاعر ووضعه في خندق الإخوان أو كفة الشيوعيين.. مجرد هراء فالرفاعي كان صوفياً ساند الوفد حتى قيام الثورة وظل يمتدح قائدها، ثم انقلب عليه ، ولم تكن له رؤية واضحة ، ولا أيديولوجية محددة، فهو مجرد شاعر موهوب فقط! .. أضرّت به المزايدات والمبالغات والتهويل في سيرته وطريقة موته.. والحقيقة أنه مات في ملعب كرة القدم بمدرسة أنشاص الإعدادية بعد أن طعنه أحد الأشخاص إثر مشادة بينهما وتنافس على رئاسة مجلس إدارة مركز الشباب..
كان الأتوبيس قد وصل إلى ميدان رمسيس .. لم أنتبه .. يودعني صاحبي الجديد.. وبعد أن عرفت أنه أحد أفراد عائلة الشاعر ، تبادلنا العنوان ورقم الهاتف.. هبطت من الأتوبيس .. قررت أن أترجل.. نفق شبرا خلف ظهري والباعة المتجولون على يميني يثيرون الضجيج على الضجيج في موقف (أحمد حلمي) وعلى اليسار بائع الصحف على ناصية (جزيرة بدران) .. أذان المغرب يعانق الكون.. يدي تطبق على كتاب هاشم الرفاعي.. أسير في خط مستقيم كعادتي .. أذوب في أكوام البشر.. أكتاف قانونية وغير قانونية أتلقاها.. ويدي تحكم الحصار حول الكتاب .. عيني تقع على إعلان ضخم يبشر الشباب بحل أزمة الإسكان وأن سعر الشقة لن يتجاوز 120 ألف جنيه .. وهنا سقط الكتاب من يدي!!!


أموال مصر.. أين ذهبت

عندما مات أبو بكر الصديق وأصبحت قيادة أمة الإسلام في يد الفاروق عمر .. جاء (عُيَيْنَة بن حصن) ــ أحدالمشركين ــ إلى أمير المؤمنين يطلب حقه في سهم (المؤلفة قلوبهم) فرفض عمر.. فقال له (عيينة) : أنت تمنعني شيئاً كان رسولكم وأبو بكر يعطيانني منه؟ فقال فارس الإسلام عمر بن الخطاب : (نعم كان ذلك أيام أن كان الإسلام لا شوكة له.. أما الآن.. فليس بيننا وبينك إلا السيف إذا مرقت ) .. وكان سهم (المؤلفة قلوبهم) يُمنح لبعض الناس لجذبهم إلى الإسلام أو تحييدهم واتقاء شرهم..
ومن صدر الإسلام إلى مصر المحروسة.. يبقى السؤال الذي حيّر كل المتابعين وذوي الألباب طيلة نصف قرن.. أين ذهبت أموال مصر؟ وأين ذهبت أموال وجواهر وقصور أسرة محمد علي ؟ .. هل وزعها الثوار على المارقين والقراصنة وكل مَن جاهر بعدائهم.. لجذبهم للثورة أو اتقاء شرهم؟!!
لقد قالوا لنا: إن الثوار عندما استولوا على الحكم في 1952 كانت مصر دائنة لبريطانيا بـ 14 مليون جنيه.. ثم بعد فترة قالوا إنها أربعة ملايين فقط.. وليست تلك هي القضية.. أربعة ملايين .. أو قروش.. المهم أن بريطانيا كانت مديونة لنا !!! وفي 1952 كان الغطاء الذهبي للنقد المصري (466) طناً من الذهب.. وفي بداية حكم السادات كان هناك (16) طناً من الذهب ، فأين ذهبت باقي الكمية (450) طناً ذهبياً ؟ .. وأين ذهبت مئات القصور التـي كان يقيم فيها أفراد أسرة محمد علي .. فالقصور الآن لا تزيد عن أصابع اليدين في القاهرة والإسكندرية.. تتبعوا يا سادة مسيرة رجال الثورة .. الأبناء .. والأحفاد الآن.. وستعرفون أين ذهبت القصور ومَن هُم المماليك الجدد الذين ظهروا على السطح.. اعرفوا أسماء مليونيرات مصر الآن .. وأثرياء المحروسة .. ستجدونهم كلهم أبناء ضباط ثورة يوليو وأحفادهم وأقاربهم.. أين ذهبت مجوهرات أسرة (محمد علي) التـي ملأوا منها حجرات ــ كما قال بعضهم في مذكراته ــ وأين ؟ وأين ؟... فالعجلة مستمرة رغم جهود بعض رجال الدولة الصادقة في وقف نزيف أموال مصر.. رغم جهود المخلصين .. يخرج رئيس الوزراء ليبشرنا أن حصيلة بيع الشركات 10.07 مليار جنيه .. منها 2.3 مليار للمعاش المبكر و3.5مليار للعاملين لسداد ديون الشركات.. و4.2 لوزارة المالية .. يعني مصر اتباعت بـ 4.2 مليار .. يا بلاش.. مين يشيل؟
أين تذهب أموال مصر؟ فنحن نتصدر قائمة إنتاج الغاز الطبيعي.. والسابع في البترول.. بالإضافة إلى السكر والأرز والتمر والملابس القطنية .. كل هذا الإنتاج المصري يغزو العالم.. عائد قناة السويس.. الملايين التـي تدخل في خزائن المرور يومياً.. الضرائب.. التليفونات.. المواصلات.. كل هذه المبالغ الطائلة التـي تُجمع من المصريين.. أعلى نسبة جمارك على مستوى العالم في مصر.. المطارات.. المواني .. الثروة السمكية.. الإنتاج الزراعي.. السياحة.. الثروة المعدنية المتنوعة والهائلة..
كل هذا ويبقى السؤال .. أين تذهب أموال مصر؟ لقد استولت الحكومة على معظم أموال التأمينات لتسديد مرتبات الموظفين ! .. فهل نُزعت البركة من إنتاجنا وأموالنا؟! فالفقير إلى الله ليس خبيراً اقتصادياً .. لكنني مواطن مصري يريد أن يعرف ويفهم.. أين تذهب أموالنا.. وأين الملايين التـي جمعوها منذ عدة سنوات لسداد ديون مصر التـي تضاعفت؟!! هل هي السرقة ؟ أم التبذير ؟ أم كلاهما؟ فالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يقول: إن الاقتصاد القومي يخسر 30 مليار جنيه سنوياً بسبب تجارة المخدرات (الأهرام 4/3/89) .. كما يتم إنفاق ما يقدر بـ 250 مليون جنيه في ليلة رأس السنة.. وحوالي 315 مليون جنيه في أطعمة الكلاب والقطط وأشياء تافهة أخرى!! وقد ذكرت جريدة الشعب في 1/2/1992م أن الجماهير العربية أنفقت 64 ألف مليون دولار على الخمور والمخدرات في ذلك العام.. أما حكاية بلاط الأرصفة الذي يتم تغييره كل عدة أشهر لسبب لا نعلمه فهي تدخل في نطاق مسرح العبث واللامعقول .. وربما لتسلية الجماهير المقهورة.. وفزورة ترميم الجامع الأزهر تجعلك (تلطم) على وجهك حتى يطلبوا لك القميص الأبيض بأزراره الخلفية.. شوية أسمنت وجير لترميم المسجد بـ 300 (ثلاثمائة) مليون..... دماغي!
أما السادة المستشارون في الوزارات المختلفة ــ ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم ــ فهم أشبه بالأساطير .. ولا تملك إلا أن تطلب من والدتك أن تدعو لك كي تصبح مستشاراً في يوم من الأيام.. فالسيد المستشار حاجة كده شبه خيال الحقل.. يأتي الوزارة ليشرب القهوة أو لا يأتي على الإطلاق إلا في نهاية الشهر كي (يلهف) ما يزيد على عشرة آلاف جنيه.. وأي واحد من (الكبار) بعد أن يخرج للمعاش يطلب من صديقه أو نسيبه الوزير أن يبقى مستشاراً كي
يعطيهم خبرته!!.. فنجد مثلاً وزارة المالية بها 88 مستشاراً تزيد مرتباتهم شهرياً على المليون جنيه.. هذا في وزارة واحدة فقط.. لأنني لو تحدثت عن وزارة الزراعة فربما تقذف بهذا الكتاب بعيداً..
وإذا تحدثنا عن (شهادات محو الأمية) التـي يتم بيعها علناً أو المبالغ التـي تُدفع للتعيين في البترول والكهرباء والتليفونات.. فأرجوك لا تغضب.. فقد قُمت بمغامرة طريفة للعمل بوزارة البترول.. واكتشفت ما لا يخطر على بال.. ووجدتني أصل إلى مشارف حقل ألغام فانسحبت مرعوباً وأنا أردد:
الجبن حكمة.. أرجوك لا تسأل عن أموال مصر .. فقد بُح صوت الشرفاء وذوي الضمائر السامية.. ورحلوا دون أن يعرفوا إجابة السؤال .. وتكسّرت أقلام وأُغلقت صُحف.. وبقي المخلصون من الأحياء يرفعون شعار (السؤال لغير الله مذلّة) .. فلا تسأل.. فقد مات ضباط ثورة يوليو الذين يعرفون سر الذهب والقصور والأموال التـي اختفت.. وماتت القضية..

وعندما طَرحتُ هذا السؤال على (الدكتور المشاغب) !!: أين ذهبت أموال مصر؟
نظر إليّ وهو يضحك بصوته الأجش وقال: يـحمّــوك في كنكة...

أيام فى الجامعة الأمريكية

وبعد أن لملم منتدى الشباب العربي بالجامعة الأمريكية (Tac) أوراقه العربية والبحث بين السطور عن هويتنا التائهة بين موجات المد والجزر، وحالات التقدم والانحسار لأنها بطبيعتها حركة أمة، وارتباط شعوب.. وروح الأمم لا تنتهي كما أن الشعوب لا تفنى.. قد تتغير المسميات أو تتبدل الكيانات السياسية والأشكال الدستورية.. ولكن (ذات) الأمة لا تغيب كما أن وجودها لا يتحول إلى عدم..
وتظل أزمة الهوية لغزاً صعب التفسير وقصة قادمة من العصور الوسطى عندما تصبح أزمة شخص.. بين الانحلال والرجعية.. الجمود والقفز فوق حصان القرن القادم.. لكن تبقى روح الشباب العربي التي تشدك إلى آفاق التفاؤل وقراءة وجه الشمس..
أزمة رأفت الـميهي :
عندما تشرفت بإدارة ندوات المؤتمر لم أكن أتخيل أنني سأدير محاضرة يطالب محاضرها الشباب بالفجور العام ولا أدري هل كان يظن المخرج رأفت الميهي أن شباب الجامعة الأمريكية سيصفقون له ويحملونه على الأكتاف
عندما أطلق صواريخ أفكاره الخاصة وكادت تحدث كارثة في المنتدى..
لقد تحولت المحاضرة إلى (أزمة رأفت الميهي) وأفكاره المتحررة جداً. فالرجل يطالب بالحرية الجنسية في وسائل الإعلام!!! وقال بكل بساطة (وإيه يعني)
هذا هو الحل الأمثل لمشكلات الأمة والخروج من الكبت لننطلق نحو آلة الإنتاج الضخمة!! (يجرا إيه لو شفت واحد وواحدة ........... ) .. وهنا تتحول الندوة إلى مشاجرات كلامية، وكاد الأمر أن يخرج من يدي وأنا أدير اللقاء بعد أن رد شباب الجامعة على المخرج بعنف ووضعوا أمام عينيه الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تصد جموحه الكلامي فاندهش الرجل من الثقافة الدينية للشباب الذي كان يظنه (أمريكياً) .. ثم يقفز بعدها إلى الهجوم على المخرج حسام الدين مصطفى، وقال إنه يقود هجمة فاشية على السينما العربية .. أما المخرجة إيناس الدغيدي ــ مخرجة أفلام العُري والدعارة ــ فقال عنها الأستاذ رأفت الميهي : إنها من أفضل المخرجين السينمائيين ، وأنها صاحبة رؤية متميزة ، وقد هاجم رأفت الميهي الفنان عادل إمام وقال: إنه لم يمثل بعد.. وعندما قاطعته تدارك الموقف وقال إن قدرات عادل إمام أكبر من كل أفلامه التي قدمها.. وكانت آخر صواريخ الميهي في المحاضرة مطالبته بحكومة تؤمن بالعلم وقال إننا كعرب لا نملك إلا حق النباح..
كوميديا يوسف عوف :
على النقيض تماماً كانت محاضرة المبدع والمهذب جداً الأستاذ/ يوسف عوف ــ مصنع الضحك المصري ــ والذي رفض في البداية أن يجلس على (المنصة) حتى يكون وسط الشباب ولكن أمام إصراري قام المبدع يوسف عوف ليجلس بجواري ساخراً كعادته: يعني هتقول إيه يعني..
اتهم يوسف عوف مسلسلات التليفزيون بالسذاجة والسطحية وأنها استطاعت أن تصيب المشاهد بهذه الأمراض!!
وقال عن الكوميديا العربية إنها مصرية الطعم والدم، وأنه تعامل مرة مع إحدى البلاد العربية لكتابة مسلسل كوميدي فكانوا يحذفون كلمة (روح يا شيخ) .. يشيلوا (شيخ) .. وضجت القاعة بالضحك وخاصة الشباب العربي والذين طالبوا الأستاذ يوسف عوف بتفادي مثل هذه الأشياء من أجل المشاهد العربي.
وعندما سأل أحد الشباب يوسف عوف عن مشكلات الخروج عن النص قال ساخراً: وهو فين النص اللي هيخرج عليه الممثل أصلاً.. وعن إجابته على سؤال يخص مسلسل (امرأة من زمن الحب) للفنانة سميرة أحمد شقيقة زوجته خيرية أحمد ؛ قال : إنه لا يتفق مع أسامة أنور عكاشة في محاولاته لطمس إنجازات الرئيس السادات والهجوم الدائم عليه لأسباب شخصية..

أستاذ الأدب العربي والخروج على النص:
الأستاذ الدكتور/ محمد حسن عبدالله ــ عَلَم من أعلام الأدب العربي ــ وعندما جاء في موعده قبل التاسعة صباحاً في يوم الجمعة وجد بالقاعة 5 أفراد فقال لي : (أنا هحاضر للكراسي واللا إيه ؟ إنت مُنسّق محتاج مُنسّق) والدكتور محمد حسن عبدالله رجل خفيف الظل .. كلماته لاذعة.. وعندما تحدثت معه قبل الندوة التي كان يشارك فيها الشاعر (خالد أمين) رئيس نادي الأدب بقصر ثقافة روض الفرج ــ اختلفنا حول قضية دينية شائكة فَضَحَتْ علمانيته المستترة.. وقد أثرى الندوة ــ رغم قلة الحضور في الصباح ــ وقال إنه لا يمكن
إغلاق الحدود الأدبية أمام الحدود السياسية ومنع التأثير والتأثر.. وعن الشعر قال: إن الشعراء قبل ثورة يوليو كانوا يعرفون ما يقولون (مولد الملك/ زواجه/ جلوسه على العرش) وهكذا ؛ لكن بعد الثورة أصبح هناك 40 ملكاً وظل يردد المقولة الغربية (الليث عدة خراف مهضومة) .. وتطرق الدكتور للانكسار العربي بعد هزيمة يونيو والذي مازلنا نجني ثماره للآن..
ويستكمل معه الشاعر (خالد أمين) والذي كان متضايقاً لقلة الحضور في الندوة ــ تاريخ الشعر العامي المصري ، وقال إن العامية هي لغة المباشرة ــ أي لغة الشارع ــ وأن أمي بتصحيني الصبح تقول لي : (قوم دي الشمس بتحبي على الحيط ) .. وسرد الشاعر خالد أمين حكاية العامية من (ابن عروس) حتى (فؤاد حداد) ، ثم تطرق لصلاح جاهين والذي ارتقى بالعامية في شكل رباعيات :
سرداب في مستشفى الولادة طويل
صرخات بُكا ورا كل باب وعويل
وفي الطريق متزوقين البنات
متزوقين للحب والمواويل

عُكاشة وبكري:
في الحفلة الافتتاحية بقاعة (إيوارت) أمسك الأستاذ/ مصطفى بكري بالأوراق في يده وظل يقرأ منها كخطيب مسجد القرية في الأربعينيات.. وتطرق لموضوعات بعيدة تماماً عن أزمة الهويّة ولا أدري ما دخل فستان مونيكا بقضيتنا .. ومع احترامي للأستاذ/ مصطفى بكري ــ إلا أن الأخطاء النحوية الواضحة جداً في حديثه أخجلتني وأتمنى أن يتفاداها مستقبلاً.. والأستاذ/مصطفى صعيدي جدع ، وعندما دعوته أنا وزميلي (أيمن هدهود) في مكتبه بجريدة الأسبوع لمنتدى الشباب العربي رحب الرجل.. وكانت جريدته من أكثر الإصدارات تغطية للمنتدى.. أما أسامة أنور عكاشة فقد تكلم ببساطة عن أزمة الهوية العربية بلهجة عامية تحسب عليه هنا في مؤتمر عربي..

د/ أيمـن نـــور :
كعادته دائماً مثير للجدل رغم هدوئه وقد كان للقفشة الحقيقية التـي قالها في محاضرته أثرها وظلت تتردد بين الشباب ورددها معظم المحاضرين في الندوات وعلقوا عليها ، وقد قال أيمن نور: إنه يأتي باثنين مخبرين ليحضرا مؤتمراته الحزبية بعد أن سأم الاستدعاءات إلى النيابة بعد كل مؤتمر حزبي حتى إنه أصبح صديقاً للمخبرين ويقوم بإراحتهم فيستدعيهم بنفسه ليسجلا ما يقول حتى يرتاح هو من عناء الاستفهامات في النيابة.. وهنا تحولت القاعة في المحاضرة السياسية إلى مسرح فكاهي يضجّ بالضحك .. وهكذا أيمن نور يسرق الأضواء أينما ذهب..

رئيس وزراء مصر الأسبق:
الدكتور/ عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق ــ وفي فترة من أصعب فتراتها حتى خرجت الجماهير في 1973 تقول (حجازي بيه يا حجازي بيه كيلو اللحمة بقت بجنيه) .. ولو كانت تلك الجماهير تعرف ما سوف تصل إليه أسعار اللحوم الآن ... المهم .. تناول الدكتور حجازي مستقبل الاقتصاد العربي في ظل النظام العالمي الجديد، وعندما ذكر كلمة اقتصاد إسلامي انتقل الموضوع تماماً إلى الشاطئ الآخر وكان هجوم الاستفسارات من الطلبة والطالبات عن مستقبل الاقتصاد الإسلامي حتى إن الدكتور عبدالعزيز حجازي اندهش وقال : لماذا تركزون على هذه النقطة فقط..
وقد أعلن د. عبدالعزيز حجازي أن الانفتاح بدأ على يده في عهد جمال عبدالناصر.. عندما كان وزيراً .. ولكن صورته لم تكتمل وتتفعل إلا في عهد السادات.. عندما كان د. حجازي رئيساً للوزراء..

الشباب العربي هو الحـل:
حميمية اللقاء كانت أجمل ما في منتدى الشباب العربي.. تجعلك تشعر بقيمة الدم وأنه لا توجد هناك أزمة هوية عربية مادام هذا الشباب المثقف والرائع يعزف على أوتار القلوب الـمُحبة وكما قال الشاب الموريتاني في حفل الختام (إن أشد ما يحزنني أنني لن أرى هذه الوجوه غداً ).
ويلملم المؤتمر أوراقه لكن تبقى في جدار القلب سطور الصحبة.. الشباب الموريتاني الذي بهرني بثقافته وهو القادم من هذه البلاد المنسية.. (مصطفى ) و(بيت الله) .. وغيرهم .. والموسوعة الفلسطينية المتحركة (زينات أبو شاويش) والمثقفة الرقيقة (أروى) اليمنية.. وشباب مصر الرائع..
وبعد.. فمن أجل أمة عربية فاعلة تمارس دوراً حضارياً في عالمنا المعاصر.. أمة عربية قادرة على أن تبرأ من رنين اللفظ حتى لا يصفها الغير بأنها (ظاهرة صوتية) .. أمة صادقة مع نفسها.. تقول ما تؤمن به .. حتى لا يتهمها الآخرون بازدواج الشخصية.. أمة إيجابية تسعى إلى الأخذ والعطاء مع الدنيا من حولها دون تعصب أو انحياز ودون عفوية أو اندفاع..
من أجل ذلك كله كان منتدى الشباب العربي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
Arab Youth Forum (AYF).

أزمة الشعر

كثرت في السنوات الأخيرة الدعوة إلى الانفلات من قيود الوزن والقافية – كما يسميها البعض – ولم تكن هذه الدعوة وليدة اليوم .. فهي تعود إلى العصور العباسية الذهبية عندما حاول بعض الشعراء التبرم من القوانين التـي تحكم الشعر.. حتى إننا نجد عالم العربية الجهبذ .. الواعي لدقائقها في النحو والصّرف والبلاغة وما إليها .. والشاعر المتمكن من أدواته.. نراهم إذا عُرض أمر يتعلق بالعَروض .. يدخل الواحد منهم في حديث آخر أو يستعرض عضلاته الثقافية في قضية أخرى حتى لا يظهر جهله بهذا العلم الذي يعتبر أصعب علوم العربية على الإطلاق .. علم العَروض..
لكن هل الدراية بهذا العلم تصنع شاعراً ؟! أجاب (الخليل بن أحمد الفراهيدي) بنفسه إجابة عملية على هذا السؤال.. فقد فشل في أن يكتب الشعر وهو الذي أسس علم العروض ووضع الأُطُر والقوانين المنظمة للشعر العربي.. أما الشعر الجديد والذي أطل علينا في الأربعينيات بعد أن خاض معارك ضارية لم يعد منطقة صراع ساخنة بين أتباعه وأنصار القديم.. فلقد استوت الأرض تحت قدميه واستقام عوده.. ودانت له الصفحات في جبهات شاسعة من الوطن العربي.. وأدى تحرر الشعر من صرامة قيود القديم إلى فتح الأبواب على مصاريعها لكل من هبّ ودب، متطفلاً على موائد الشعر.. وهذا ما حدث بالفعل.. فنحن نفاجأ كل يوم بزحف من الجراد التي أُلصقت بها صفة الشاعر!! تقرأ لهم فتصطدم بالحقيقة المذهلة.. كيف يكون هناك (شاعر) على غير معرفة بجماليات اللغة ، ودون علم العَروض ؟! وتلك هي المصيبة التي أَلَـمَّتْ بحركة الشعر في السنوات الأخيرة وهي ليست مصيبة هؤلاء المتطفلين (الحداثة وما بعد الحداثة) أنفسهم.. المصيبة الأدهى في أنهم يجدون لهذا الغثّ مَن يحتفي به ويخدع القرّاء .. فقد جاء هذا الجراد من المجهول يتمردون على الدين وثوابت المجتمع وأصبحنا نسمع عن قصائد الشذوذ والجنس والبراز !!! وقصيدة الطلاسم والحجاب..
ورأينا الناقد المفتون بذلك يقول:
- (إنه التمادي في التمادي.. والغموض المركب في الغموض بالغموض).
- (الشاعر الحداثي يُحاول أن يحقق صورة عن العالم مكتنزة الدلالة وممتلئة بمعانٍ لا تستنفذها الأزمان.. وهو حين يدخل عتامة الغموض والتركيب فإنما يفعل ذلك وعياً بضرورة أن تكون قصيدته علامة تدل على العالم وتفعل فيه).
- (قصيدتك خلعتني من جو الصحو المكشوف إلى جو الغموض الخلاق)..... يجيبوك من على الحيط بشبشب!!
ونترك مستشفى الأمراض العقلية ونعود إلى عالم الشعر.. فالشعراء الآن ينقسمون إلى :
1) الشعر العمودي: في المعلقات والمتنبي وبشار بن برد وغيرهم إلى شوقي وحافظ ومحمود حسن إسماعيل ومطران والبيروني..
2) شعر التفعيلة: نازك الملائكة والسياب والبيّاتي وأمل دنقل وصلاح عبدالصبور وعبدالمنعم عواد يوسف...
أما شعراء الحداثة والحُرّ فقد مزجوا بين التفعيلة القديمة والحديثة، مثل: محمد عفيفي مطر... وأحمد مخيمر.. ونزار قباني ، وغيرهم.
ص شعراء تمردوا على التفعيلة :
فهم مجموعة من الجراد هجمت على ربيع الإبداع العربي لا صلة لهم بالشعر أو النثر.. وهم أكثر من الهمّ على القلب..
لكن الحقيقة أن هجوم بعض شعراء القصيدة العمودية على الشعر الجديد كان خوفاً من فضح مستواهم الحقيقي ، وقد حدث هذا مع بعض التراثيين عندما حاولوا كتابة الشعر الجديد .. مثل: د. أحمد هيكل .. وفاروق شوشة.. وغيرهم. فوجدنا مستويات هزيلة.. مثل : (يقوم الدم العربي).. وأعمال د.هيكل الأخيرة... وعبدة الصنم الخليلي كانوا وراء تدهور الشعر.. فلم يطوروا أنفسهم وحاربوا الآخرين وهم في أولى مراحل التطور.. فأصبحت قصائدهم مُتْحَفِيَّة لا تناسب إيقاع العصر .. فماذا لو طوروا أنفسهم وحافظوا على ثوابت الشعر ؟! .. لكن يبقى أهم ما في الموضوع .. إذا كان الشاعر يعزف شعره على بحر معين – أي على نوتة البحر .. لماذا لا يكون الشاعر هو موسيقار القصيدة؟ والسؤال للشاعر/ جميل عبدالغني .. لماذا لا يكون هو الموسيقار والموزع؟ وكانت الإجابة هي أن تكون تفعيلات البحور الخليلية الثمانية والتي يتكون منها الستة عشر بحراً (فعولن/ فاعلن/ متفاعلن/ مفاعيلن/ مفاعلتن/ مفعولات/ مستفعلن/ فاعلاتن) فلنعتبر أن هذه التفعيلات (سلم موسيقي) لموسيقى الشعر وعلى الشاعر أن يؤلف منها ما يشاء ألحان قصيدته دون الالتزام بالعزف على بحر معين.. وليس في هذا جديد.. فهذه التفعيلات هي التي تخلق موسيقى الشعر.. والشاعر هنا يقوم بدور العازف على نوتة البحر الذي اختاره.. لكن حينما يطلق لنفسه العنان ويأخذ من التفعيلات السابقة ما يشاء ويترك ما يشاء.. هنا يكون قد تغير دوره من دور العازف لموسيقى القصيدة إلى موسيقار القصيدة التي يؤلف ألحانها ويوزعها كما يشاء.. فبحور الشعر ليست حكماً بالحَجْر على الاجتهاد والتجديد..
ص الشعر والقصيــدة:
يقول الدكتور/ مدحت الجيار.. إن أي عمل أدبي جمالي يمكننا أن نطلق عليه (شعراً) سواء كان نثراً أو تفعيلة أو غيره.. أما (القصيدة) فهي تلك الملحمة الإبداعية المنضبطة والملتزمة بالإيقاع والعروض والأساسيات التي ورثناها من التراث..
ص التجديد ضــرورة:
وضعت الشاعرة (نازك الملائكة) في كتابها (قضايا الشعر المعاصر) 22 بحراً جديداً .. ووضع الدكتور/ أحمد مستجير في كتاب (الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي) 26 بحراً شعرياً جديداً... والسؤال الذي أطرحه لعبدة الخليل والصنم الشعري القديم: هل توقفت عقليتنا الشعرية عند هذا الحد من الإبداع ولن نستطيع أن نتجاوزه إلى حيث التغني بأنماط موسيقية جديدة لم يسبق أن جمعها ووعاها ما سلف من شعرنا العربي.. وبالمعايير ذاتها التي أَلِفَتْهَا الأذن العربية.. مثلاً : (متفاعلن مفاعلتن فعولن/ متفاعلن مفاعلتن فعولن) والذي ابتكره الشاعر الشاب/ خالد البيلي في (يا قدسُ أنتِ للعرب – ولأنتِ غايةُ الطلب) وأطلق عليه بحر القدس.. ثم (فاعلن / مفاعيلن / فعولن) ( لاإله إلا الله ربي – خالقي أناجيه بقلبي) وأطلق عليه بحر التوحيد..
وإذا عدنا للوراء قليلاً سنجد التفعيلة الفارسية في كثير من شعر أحمد رامي.. وفي التراث (حكمَ فعدلَ فأمنَ فنام) فاعل/ فاعل/ فاعل/ فاعل... أو (قطتي نميرة – اسمها سميرة) فاعلنٌ فعولن.... بالإضافة إلى الموشحات الأندلسية (لحظك وسنان ــ قدك فينان ــ حسنك فتّان ــ يا غصن البان ــ أرحم ولهان ــ هجرك أشجان ــ حبك سلطان ــ يا غصن البان) وكلها تفعيلات ليست موجودة في بحور الخليل والأخفش.
وأنا عندما أقسو على شعراء العمودي والتفعيلة لأنهم حائط الصد وحماة القريض حتى لو اختلفنا مع بعض آرائهم .. أما جراد الحداثة والإباحية فليس له إلا المبيدات الحشرية.. فبحور الخليل ليست عقائد أو ثوابت مقدسة.. وعلينا أن نطورها قبل أن يتجاوزنا الزمن وندخل في متاهة اللا عودة..
وكما يقول شيخ الإسلام العز بن عبدالسلام :
تسقط الوسائل بسقوط المقاصد


محطات

أثناء الحوار الذي دار بيني وبين المذيعة المتألقة بثينة كامل في مكتب الأستاذ جمال عبدالسميع (رئيس تحرير جريدة العروبة) قالت: (إن كثيراً من مفاهيم المجتمع لابد أن تتغير حتى ننطلق إلى مرحلة قادمة وقرن جديد لن يرحم).. قفزت كلمات بثينة على خارطة ذاكرتي بعد أزمة موضوع عن اليهود ــ قبل الطبع ــ ولا أدري هل أصبحت تعرية هؤلاء الصراصير جريمة؟ ما هذا التهريج؟ ولمصلحة من ؟! فالألفية الثانية لملمت أوراقها من على المائدة الأرضية لتفسح الطريق لقرن التحولات الكبرى ونحن مازلنا نسبح في مستنقع الذاتية وأوهام المجد على حائط المبكى العربي .. أية مفاهيم ؟ .. مفاهيم إيناس الدغيدي أم حركة طالبان ؟ .. ربما ترزية التأريخ ، وكتابة المذكرات؟!
لقد اختلطت المفاهيم وتبدلت الأدوار ولكن الشيء المهم الوحيد في هذه الحياة أن يكون المرء راضياً عن نفسه، متصالحاً مع ضميره.. ومادون ذلك ليس بمهم.. إننا (نتفنن) في قتل مواهبنا النادرة في شتى المجالات.. اعتزل عبقري مصر (الدكتور/ جمال حمدان) الدنيا حتى مات بطريقة غامضة.. وتركنا (العيال) ينهشون في لحم الأثري العظيم (أحمد قدري) فترك لنا الحياة بما فيها.
ووقفنا نشاهد فيلم اغتيال (طاهر أبو زيد) أفضل من لعب كرة قدم في تاريخ مصر.. والقائمة أطول من نهر النيل .. فَلِمَ العجب إذن بعد أن امتطى أحفاد أبي جهل صهوة الإعلام.. يشوهون تاريخ مصر في مسلسلاتهم الساذجة التي يكتبونها؟ .. يجعلون من هزيمة 67 نصراً .. ويحيلون أكتوبر العظيم إلى نصر (مفبرك) .. يتطاولون على الرئيس السادات صاحب النصر الوحيد للعرب من بعد (محمد علي) .. يسخرون من رجال الدين في حكاياتهم الباهتة،ولا يظهروهم إلا في صورة (تُنَفِّرك) منهم بعد أن نصب الواحد منهم نفسه مفتياً للديار التليفزيونية .. يجعلون من اليهود إخوة.. ومن الثوابت وجهات نظر.. ماذا يريد هؤلاء؟ حقاً لقد تمخض التليفزيون فأنجب (مؤلف مسلسلات)!!
ص هناك شخصيات على الساحة صنعها الإعلام ولكن هناك (رجال) صنعوا الإعلام.. والفارق شاسع والهوة كبيرة.. فالصنف الأول التقيته خلال عملي في الصحافة.. يقولون ويكتبون ما لا يفعلون.. تنبهر بحديثهم وتأسرك رؤيتهم ــ وكما قال أستاذ البشرية محمد ص : ( إنّ من البيان لسحراً) .. ولكن القلوب ميتة والأيدي ملوثة.. لقد دخلت قصور بعض رجال الدين ورأيت أحد الشيوخ الذين يملأون الساحة ضجيجاً لا يهتم بالصلاة.. والصحفي الكبير الذي تجاوز الستين ويتخاطب مع المحررين بألفاظ يعاقب عليها قانون الآداب بالرغم من أنه (يدبّج) مقالاته بأعذب الألفاظ وينادي بعودة القيم والمثل والأخلاقيات .. وآخر تحدث معي عن حقيقة أموال أسرة (محمد علي) وأين ذهبت.. وهو يمتلك أسطولاً من السيارات الفارهة جداً.. وفي 1995 قال لي أحد رؤساء الجامعات ــ وقد أصبح وزيراً الآن ــ كلاماً يمنعني قانون النشر أن أذكره.. وها هو الآن يقول ويفعل عكس فتاويه وآرائه السابقة .. فلا تنبهر بكل ما تسمع وتقرأ .. فقد انتهى زمن الفرسان .. ونحن نعيش الآن في زمن الحمير المخططة!!!
ص تناولت حبوب ضغط الدم العالي هذا الأسبوع عندما قرأت أن
إحدى الشركات المصرية قامت باستيراد أحذية للكلاب.. نعم للكلاب.. وليت مدير هذه الشركة يأتي معي في نزهة إنسانية ليرى النائمين
تحت الكباري والملتحفين بالسماء فوق الأرصفة والمتسولين وحالات
الفشل الكلوي والسرطان، وملاجئ الأيتام وليرى الأُسر
المصرية التي تعيش تحت خط العدم... روح يا شيخ.. يشفي
الكلاب ويضرّك!
ص يولد المصريّ أهلاوياً.. شعار يردده مسئولو الجبلاية قبل الأكل وبعده!
ص لماذا تفتتح إذاعة إسرائيل إرسالها اليومي بالقرآن الكريم؟ سؤال أبحث له عن إجابة منذ سنوات.. مَن يعرف الحل له جائزة من عندي.. تليفزيون
لا يذيع إعلانات.. وصحيفة حكومية ليس بها أي منافق..
ص قالت الزوجة لزوجها: أريد أن أتعلم الغتاتة.. قال لها: تعالي في الفارغة وتصدري.. قالت :أريد أن أتعلم الهيافة.. قال لها: ما تقوليه تكرريه وتعيديه .. قالت : أريد أن أتعلم البلاهة.. قال لها: خليكي مبتسمة بسبب وبدون سبب.. قالت: نفسي أتعلمهم معاً في ضربة واحدة.. قال: روحي اشتغلي مذيعة في التليفزيون المصري!!
عندما يتبرع أحد أمراء الخليج بأربعة ملايين دولار لإحدى حدائق الحيوان بـ(لندن) .. يجعلنا نقترح وضع (يافطة) على مخيمات اللاجئين في بلاد العالم .. يُكتب عليها ( ...................... ) !!
صدق أو لا تصدق.. في مصر 17 حزباً .. أتحداك أن تعرفهم.. فالعبد لله
لا يعرف إلا حزب الأهلي ، وحزب الزمالك .. وحزب وداد قلبي يا بوي.
عندما ينسب بعض الناصريين نصر أكتوبر لجمال عبدالناصر
فمن حق اليهود أن يقولوا إنهم بناة الأهرامات، وأن ينسب الريّس
(حَسَبَ الله) سيمفونيات بيتهوفن إلى نفسه ويطالب الريس (بعرة) بجائزة الأوسكار.. ويصبح طبيب أطفال فاشل وزيراً للتعليم.. وأن تلد
البقرة بغلاً!!
قنوات التليفزيون المصري.. أرضية وفضائية.. العدد في الليمون.
عندما تجد اسمك فوق (كوم) كلام لا تعرفه.. فلا تندهش.. فلست من الذين يكتبون أثناء النوم أو ينامون أثناء الكتابة.. وما عليك إلا أن تفعل مثلي بعد أن جمعت كل ما حذفه لي رؤساء التحرير الذين تعاملت معهم بحجة تجاوزي للخطوط الحمراء والفوشيا والبنفسجي.. وقررت تغيير موضوع الرسالة إلى (اجري يا ابن آدم جري الوحوش.. مهما تسرّح شعرك برضه منكوش).
منذ أن أطلّ د. يوسف بطرس غالي على الوزارة والنحس يرتع.. إفلاس في البورصة.. أزمة سيولة.. انخفاض في سعر الجنيه.. ركود في السوق.. هروب رجال الأعمال بمليارات البنوك المصرية.... أنصحك أن تذهب للست أم سحلول تعمل لك حجاب وتبخّرك.. طيب ما تهرب مع رجال الأعمال أحسن!!
تهتم الصحافة عندنا بالانتخابات الأمريكية والإسرائيلية بطريقة (تغيظ)
ولا أدري ما هو الفرق بين باراك وشارون أو شامير وبيريز.. وما الفرق بين ريجان وبوش أو كلينتون وبوش الابن.. بيروح (.......... )وييجي (.......... ) فالاثنان فردتا حذاء..